[سند خبر الراية في خيبر]
  وبالإسناد المتقدم قال: حاصر النبي ÷ أهل خيبر، حتى أصابتنا مجاعة شديدة، حتى أن رسول الله ÷ أعطى اللواء عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس، فلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه، ورجعوا إلى رسول الله ÷ يجبنه أصحابه ويجبنهم، وكان رسول الله ÷ قد أخذته الشقيقة(١) فلم يخرج إلى الناس.
  فأخذ أبو بكر راية رسول الله ÷ ثم نهض بها فقاتل، ثم رجع، فأخذها عمر ثم رجع.
  فأخبر بذلك رسول الله ÷ فقال: «أما والله لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يأخذها عنوة»، وليس ثَمَّ علي، فلما كان الغد تطاول لها أبو بكر، وعمر، ورجال من قريش، رجاء كل واحد منهم أن يكون صاحب ذلك.
  فأرسل رسول الله ÷ ابن الأكوع إلى علي # فدعاه فجاءه علي على بعير له حتى أناخ قريباً من رسول الله ÷ وهو أرمد قد عصب على عينيه بشقة بُرد قطوي(٢)، قال سلمة: فجئت به أقوده إلى رسول الله ÷ فقال: «مالك؟» قال: رمدت، فقال: «ادن مني» فدنا منه؛ فتفل في عينيه فما شكا وجعهما بعد حتى مضى لسبيله؛ ثم أعطاه الراية فنهض بالراية وعليه حلة أرجوان أحمر قد أخرج كميها، فأتى مدينة خيبر فخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر وحجر قد نقبه مثل البيضة على رأسه، وهو يرتجز ويقول:
  قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أنِّي مَرْحَبٌ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مجرَّبُ
(١) الشقيقة: وجع يأخذ نصف الرأس والوجه. تمت مختار.
(٢) نسبة إلى قطوان موضع بالكوفة.