[تفسير الفقيه لقوله تعالى: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} والرد عليه]
  القوم تشمل سائرهم، ولفظة المحبة عامة لهم؛ بل الواجب أن يكون الله محباً لجماعتهم، ويكونون محبين له تعالى.
  وعلى أن علياً # هو زبدة القائمين على أهل الردة، ووجه المحاربين لهم، وحضر وقعة ذي حِسا والقصة، وما تأخر إلا من الموضع الذي تأخر منه أبو بكر وجلة الصحابة –¤ - وقال أبو بكر: إن هؤلاء الوجوه قد لقوا من الحرب ما علمتم فرجعوا.
  ولأن علياً # قد حارب بني ناجية على ردتهم وسباهم، فإن كان عموماً فعلي داخل فيه، وإن كان خصوصاً فعلي صاحبه، فهو أمير كل جماعة ذكر في جملتها، والمستبد بكل فضيلة، وأبو بكر وإن كان داخلاً في هذا الخطاب، مع كونه مستقبلاً، فهو كأحدهم، فما في هذا مما يفضل به على علي #.
  على أنا لو سلمنا أن أبا بكر مراد بحرب أهل الردة، وأن الله تعالى أحبه في هذه الآية في أصحابه المقاتلين لهم، فليس فيه أنه تعالى لا يبغض من خالف الحق بعد ذلك بردة أخرى، كما فعل الأولون من المؤمنين الذين حاربوهم، بل هو يجوز من الآخر كما جاز من الأول، وكذلك فلا يمتنع خروجهم على إمام الحق، كما فعل طلحة والزبير وغيرهما، وكذلك فيمن ارتقى مرتقى الإمامة، واستأثر بالزعامة، وصرف أهلها عنها، وألزمهم متابعته طوعاً وكرهاً.
  وهذه أمور متى تدبرها العاقل استغنى بها فيما نحن فيه عن سواها، واستغنى عن السباب، وفتح القبيح من تلك الأبواب، التي يعتادها السفهاء، وتنزه عنها أهل النهى، وكذلك أهل القتال مع علي # في حرب الجمل، وصفين، والنهروان، وما حاربوا إلا من عَنَد عن الحق، ممن كان يعد في المؤمنين؛ فهذا تشريف لهم، وهو بعلي أليق، لأنه لم يحارب إلا من ارتد بردة معاوية، ونكث بنكث طلحة والزبير، ومرق باتباع رؤساء الخوارج، فالردة في معاوية وأصحابه شرعية، وفي طلحة والزبير وأهل النهر لغوية.