كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام على حديث: «أقضاكم علي»]

صفحة 565 - الجزء 3

  لنا، ونعلم صحة اعتزائك إلى من تعتزي إليه في الأصول والفروع، ومتى تعذر عليك إحصاء قول مجتهدك الذي تعتزي إليه، وشيخك الذي تعتمد في مذهبك عليه، بل أكثر ما تأتي به يكون لمعاً يستدل بها على ما عداها، قلنا: فقد سلكنا هذه الطريقة معك في جواب سؤالك لنا في هذه المسألة، وعينا في ذلك أقوال المشهورين من أهل بيت النبي ÷.

[الكلام على حديث: «أقضاكم علي»]

  وأما قوله: «قال القدري: وما ذكر من أن النبي ÷ وصف كل واحد من كبار الصحابة بخصلة من خصال الفضل، وجعل علياً أقضاهم، ففي القضاء اجتماع تلك الفضائل المتفرقة في الجميع إذا تأملها العاقل؛ لأنه يعتبر في القاضي العلم بأصول الدين وأصول الفقه، وجملة واسعة من الأخبار الشرعية، والإجماع من ذلك والخلاف، ليتمكن من الاجتهاد، ويعتبر العلم بطرف من اللغة والنحو ليتمكن من معرفة الخطاب، ويعتبر الورع والحلم وجودة التمييز بين الأقوال ليكون من أهل الاجتهاد، أو متمكناً من تقليد المجتهد بعد معرفته بأكثر ما قدمنا عند بعض أئمتنا $.

  وهذه الأمور وإن كان اعتبارها في وقتنا ومن بعد الصحابة إلى آخر التكليف، فإنما تمس إليه الحاجة في وقت الصحابة ¤ من ذلك لم يكن علي # قاصراً عنه ولا عارياً منه.

  فنقول وبالله التوفيق: فضل علي # لا ينكر، وعلمه معروف مشتهر؛ لكني أبين لك كيف كان أول قضائه #، فإنه نقل في الأحاديث المشهورة أن النبي ÷ لما أراد أن يبعث علياً # إلى اليمن مع حداثة سنه # قال: يا رسول الله إنك تبعثني إلى قوم ذوي أسنان، ولا علم لي بالقضاء، قال: «إذا سمعت كلام أحد الخصمين فلا تقض حتى تسمع كلام الآخر، فإنه أحرى أن يتبين لك الأمر؛ ثم قال: اذهب فإن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك» قال علي #: فما شككت في قضاء بعد.