كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام على حديث: «أقضاكم علي»]

صفحة 567 - الجزء 3

  نقض ما وقع من اعتبار هذه العلوم في الإمام، سواءً كان سبب حصولها دعاء النبي ÷ أو الإقبال على الدرس والصبر عليه وملازمة العلماء.

  وغالب الظن أن الفقيه أراد هذا الوجه الآخر الذي يكون بميله إليه مناقضاً في اعتبار كمال العلوم، التي اعترف بحاجة القاضي إليها في القضاء؛ فكيف يكون أقضاهم، ولذلك قال بعد هذا [أي فقيه الخارقة]: ثم ما تقول حيث قلت: إن في القضاء اجتماع تلك الفضائل، أتذهب إلى أن علياً # أقوى في دين الله من عمر؟ وأعلم بالحلال والحرام من معاذ؟ وأفرض من زيد بن ثابت؟ فما فائدة هذا التخصيص الذي خصص النبي ÷ كل واحد من الصحابة بصفة؟ أيكون قول النبي ÷ جزافاً، ويذهب معناه باطلاً؟ أم تقول: إن عمر كان أقوى في دين الله من علي، وإن معاذاً كان أعلم بالحلال والحرام من علي، وإن زيد بن ثابت كان أفرض منه؟ فهذا ما تكرهه وتأباه، فما بقي لك بعد هذا إلا العود إلى الحق، وأن النبي ÷ ذكر كل واحد من الصحابة بفضيلة تدل على أنها الغالبة عليه من بين سائر صفاته في ذلك الوقت الذي أخبر النبي ÷ به، وهذا واضح لمن أنصف بحمد الله».

  فالجواب: أن الفقيه حقق ما ظنناه فيه من المناقضة في قوله واعتقاده، حيث قال: إنه لا ينكر فضل علي، وعلمه معروف مشهور، عقيب ذكر أنه أقضاهم بشهادة النبي ÷، وأن القاضي من يجمع فنون العلم التي ذكرها هنالك، وسلم الفقيه أنه لا بد للقاضي منها؛ ثم أورد هاهنا أن كل واحد من هؤلاء المذكورين من الصحابة أعلى من علي # فيما حكى أنه فن كل واحد منهم، فلا ينبغي له أن يقف على المذاهب المتناقضة، فليختر ما يقوي دليله، ويطرح ما أظلمت سبيله.