[ثلب الفقيه لمذهب العدلية بشتى المثالب والرد عليه]
  الظلمة، واحتاجوا إلى المهادنة، وكذلك الكلام في هارون # لما استضعفه آل إسرائيل # وكادوا يقتلونه، فما نقصه ذلك عند الله تعالى، كذلك الذرية.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وارتكبوه من الضلالات في مشاركة الله في خلقه».
  فالجواب: أنه كذب محض من الفقيه؛ لأن خلق الله تعالى هو الأجسام ولا يقدر عليها سواه تعالى، وكذلك الأعراض الخارجة عن مقدور العباد؛ فأما الزنا والفواحش والكفر والإلحاد، وما شاركها من العناد، فواجب تنزيه الله عنها، وإضافتها إلى فاعليها من الكفرة والمعاندين والملحدين.
  وقوله [أي فقيه الخارقة]: «والتكذيب بقضاء الله وقدره».
  فالجواب: أنه كذب من الفقيه، بل نصدق بقضاء الله وقدره؛ فأما في أفعاله التي تقدمت فمن حيث خلقها، وأما أفعال عباده فمن حيث علمها، وقد أمر تعالى بالحسن منها ونهى عن القبيح، وأما الأمر فلا يتعلق بالمعاصي لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ}[الأعراف: ٢٨].
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وعزله عن إرادته ومشيئته».
  فالجواب: أنه إن أراد في أفعاله تعالى فهو كذب محض، وإن أراد في أفعال عباده وقد أرادها عنده قهراً فذلك لازم له لا للعدلية(١).
(١) قال ¦ في التعليق: والوجه ما مر من أنه لو تعلقت قدرة الله تعالى بما تعلقت به قدرة العبد لأدى إلى التمانع لأنه مع فرض إختلافهما إذ الإختلاف جائز: إما أن يحصل مراداهما وهو محال لأنه جمع بين النقيضين، أو لا يحصل مراد كل منهما وهو كذلك محال لأنه رفع للنقيضين، أو يحصل مراد احدهما دون الآخر وهو محال أيضاً فعلى كل وجه يؤدي إلى تعجيز الباري سبحانه.
وهذا لازم للفقيه على أصله وأما على أصل العدلية فلا يلزمهم لأنهم لا يقولون بجواز تعلق قدرة قادر بما تعلقت به قدرة الآخر لأن مقدوراً بين قادرين محال فافهم بصرك الله وإيانا والمؤمنين و الله تعالى أعلم وهو الموفق والمبصر.
أو يقال الوجه في ذلك أنه قد ثبت بالأدلة أن الله تعالى يريد الطاعات من العباد من حيث أنه تعالى أمر بها والأمر لا يكون أمراً إلا بالإرادة إذ لا يتميز [المراد أن الأمر لا يكون أمراً ولا يتميز في الواقع وعند المتكلم إلا بالإرادة وليس المقصود أنه لا يتميز عند المخاطب إلا بالإرادة إذ الإرادة خفية لا تعلم إلا =