[مناقشة الفقيه في سكوت علي # وأحقيته للخلافة وحاله في زمن الخلفاء]
  تفضح فافتضحت، وقولك: هذا محال، وهذا كذب؛ لا يسقط حكمه(١)، ومثل ذلك يمكن خصمك فيما رويت.
  وأما أنا روينا أنه جاء به ملبباً حتى زوجه ابنته، فما قلنا ذلك، ولا نقوله، ولا جمعنا بين هاتين القصتين، وإن كان في كل واحدة منهما كلام وآثار على ما قدمنا ذلك، وسنعيد منه بعضاً، وقد ذكرت في رسالتك أن الكذب يجوز لمن يدفع به عن نبي وما جرى مجرى ذلك، فلعلك أردت ذلك لهذا الغرض، وهو غرض لا يخلص عند العلماء اليوم، ولا عند الله غداً.
  وسنروي لك حديث الزواج لأنا أهله، وإن كان جواب ما قلنا وروينا لا يصعب عليك؛ لأنك قد أرصدت له هذا كذب وهذا محال؛ فيا لك من نظر واستدلال، وقد أنصفنا من أنفسنا أن نلعن من يستجيز الكذب على حال من الأحوال، بل نراه مجانباً للإيمان، معدوداً في كبائر العصيان، فلولا كونه محظوراً لما وضع أهل العلم الملاحن والمعاريض: والله ما سألت فلاناً حاجة يعني شوكة من الشجر المسمى الحاج، والله ما رأيت فلاناً معناه ضربت ريته، ولا كلمته معناه جرحته، وميدان هذا وسيع؛ فلو كانوا قد اقتبسوا من علم الفقيه في جوازه لبعض الأغراض لاستراحوا من تعب طلب الملاحن.
  وأما أن علياً # عنده من شدة البأس وقوة الجنان ما لم يكن عند أحد - فذلك قولنا فيه #؛ فإن رمت به أن من هذه حاله لا يغلب، لم يسلم لك ذلك؛ لأن عندنا أن رسول الله ÷ وأنبياء الله تعالى عندهم من الشجاعة
(١) قال ¦ في التعليق: وقد روى كتاب معاوية هذا، وجواب علي # نصر بن مزاحم المنقري عن عاصم عن عمر بن سعد عن أبي ورقاء، وقد ذكر الكتاب والجواب النقيب أبو جعفر يحيى بن أبي زيد العلوي شيخ ابن أبي الحديد، ذكر هذا في شرحه للنهج، وقد ذكرهما الإمام في الجزء الأول بتمامهما، وذكر ابن أبي الحديد حاكياً عن شيخه النقيب أبي جعفر: أن لمعاوية كتابين، ولعلي جوابين يتشابهان، ونصر بن مزاحم من رجال مجموع زيد بن علي، وقد وثقه ابن أبي الحديد، تمت والحمد لله.