كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الرد على أهل الزيغ وبيان من هم الآل]

صفحة 205 - الجزء 1


= وإن باب التفضيل هذا باب كبير امتحن الله فيه عباده قد زلت فيه أقدام خلق كثير، بل هو أعظم التكاليف على المكلفين، وأصل الفتنة في الأولين والآخرين، وعادة الله الجارية في خلقه أن يلبس من تكبر عن أمره فيه وغمط نعمته عليه أثواب الصغار، وأنواع الخزي والشنار، وإن في إبليس - لعنه الله تعالى - لعبرة لأولي الأبصار؛ فعدو الله أول من سخط أمر الله ورد قضاءه، ثم تبعه كل من نفخ في أنفه فشمخ بنفسه فأنزل الله تعالى به سوء النقمة، وسلبه ما لديه من النعمة، وأحل عليه اللعنة، ولم تغن عنه ما تعلل به من الأعذار ولم تنفعه ما سلف له من السوابق الكبار، وقد عَبَدَ الله ستة آلاف سنة فبطل ذلك كله باستكباره عن أمر واحد، {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ٦٢}⁣[الأحزاب].

فلا ينزل عند حكم الله في هذا الشأن ويمتثل أمر الله فيه بالجنان والأركان إلا من امتحن الله قلوبهم للتقوى وثبت أقدامهم على العمل بمحكم السنة والقرآن، أولئك أولياء الله وأولياء رسوله الذين وردت لهم البشارة على لسان سيد المرسلين - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - وما القصد إلا النصح لإخواننا المؤمنين والإشفاق عليهم من الوقوع في هذه المزلة التي هلك فيها كثير من المفتونين؛ فأما أهل بيت النبوءة فقد أغناهم الله تعالى عن ذلك وصبروا على جفوة الأمة وميل الخلق عنهم إلا من تداركته العصمة وهم أهل الصفح والكرم كما قال قائلهم (صارم الدين صاحب البسامة):

وإن جفونا وحالوا عن مودتنا ... ولم يراعوا وصاة الله في العتر

فالصبر شيمة أهل البيت إن ظُلِموا ... وهل يكون كريم غير مطصبر؟!

ولقد كان الإضراب أوفق، والإمساك أليق؛ لولا أن الله تعالى أمر بقول الحق، فإن المقام خطر يترتب عليه أي أثر، وقد قال رسول الله ÷: «لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وأهلي أحب إليه من أهله، وعترتي أحب إليه من عترته، وذاتي أحب إليه من ذاته» رواه الإمام الناصر للحق في البساط بسنده إلى عبدالرحمن بن أبي ليلى، ورواه الإمام المرشد بالله عن أبي ليلى وأخرجه [عنه] البيهقي وأبو الشيخ والديلمي والطبراني وابن حبان عن أبي ليلى.

وأخرجه محمد بن سليمان الكوفي عن أبي ذر ¥ بلفظ: «لا يؤمن أحدكم» ... الخبر بدون «وذاتي».

وفي أخبار الثقلين: «فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل بيتي؛ أذكركم الله في أهل بيتي» أخرجه أحمد ومسلم وعبد بن حميد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن زيد بن أرقم.

وروى الإمام المنصور بالله بسنده إلى الإمام المرشد بالله يرفعه إلى رسول الله ÷ أنه قال: «نحن شجرة النبوءة ومعدن الرسالة ليس أحد من الخلائق يَفْضُل أهل بيتي غيري» وبمعناه «نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد» أخرجه الملا والطبري عن أنس، وأخرجه الديلمي.

وقال ÷: «إن لله حرمات من حفظهن حفظ الله له أمر دينه ودنياه، ومن ضيعهن لم يحفظ الله له =