كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[وجه الإستدلال بحديث الدعاء بين الأذان والإقامة]

صفحة 667 - الجزء 3

  هذان الحديثان يدلان على أن شفاعته –عَلَيْه [وآله الصلاة و] السَّلام - للمؤمنين، وهم من أهل الجنة، لا الفاسقين، ليزيدهم الله تعالى بشفاعته رفعة ومنزلة في الجنة، ويكون ذلك كرامة للنبي ÷، ولو كان على ما قاله المبطلون من أن الشفاعة للفاسقين؛ لكان يقول ÷ لعوف بن مالك: تب إلى الله تعالى مما تستحق به الشفاعة⁣(⁣١)، فإنها لا تكون إلا للفاسقين.

  ولأنه قد ثبت في عادة المسلمين، الدعاء إلى الله تعالى أن يدخلهم في شفاعة النبي ÷، وفي أن يكونوا ممن يستحق الشفاعة، فلو كانت على ما يقول الفقيه؛ للزم أن يكون دعاؤهم بأن يكونوا فساقاً ليستحقوا الشفاعة، وهذا ما لا يحسن السؤال له.

[وجه الإستدلال بحديث الدعاء بين الأذان والإقامة]

  وفي حديث الدعاء بين الأذان والإقامة، وهو لنا مسموع: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، والدرجة الرفيعة في الجنة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، وشفعه في أمته، وأدخلنا في شفاعته.

  فهل أمرنا الله على لسان نبيه ÷ أن يدخلنا في زمرة الفاسقين⁣(⁣٢)، إن هذا لهو الضلال المبين، ولكان يقبح طلب التوبة من الله ø؛ لأن فيها حرمان الشفاعة، وجميع ما ذكرنا من هذه الأخبار، أو أكثرها، قد كررناها، لما اقتضى ذلك من تكرير الأسئلة، فلا عتب إلا على من كرر السؤال دون من كرر الجواب، وبالله التوفيق.


(١) قال ¦ في التعليق: الأَوْلَى (معه).

(٢) قال ¦ في التعليق: قد مر من أخرج أصل الحديث عن جابر، وهو أبو طالب والبخاري وأحمد وأبو داود والترمذي، وأخرجه أبو الشيخ عن ابن عمر، والطحاوي والطبراني عن ابن مسعود، وكذا النسائي عن جابر أيضاً، وأبو طالب عن أبي رافع نحوه، وكذا رواه مسلم والترمذي وأبو داود عن عبدالله بن عمرو، وفي آخر حديثه: «فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة»، وفي تيسير الوصول: رواه الخمسة إلا البخاري.

قلت: وأخرجه القاضي عياض عن ابن عمرو.