[دعوى الفقيه أن الشفاعة لإخراج قوم من النار هي من دفع الضرر – والرد عليها]
[دعوى الفقيه أن الشفاعة لإخراج قوم من النار هي من دفع الضرر – والرد عليها]
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: لأن الشفاعة قد تكون لزيادة النفع، كما تكون لدفع الضرر، وهي مأخوذة من الشفع الذي هو الزوج دون الوتر.
  فنقول(١): هذا المعنى أيضاً لا يناقض ما قلناه، فإن النبي ÷ إذا شفع للمذنب الموحد فأخرجه من النار كان قد دفع الضرر عنه، وضم له إلى إيمانه وطاعاته –الذي لا يستحق معه الخلود في النار - شفاعته(٢)، فأخرجه منها ... إلخ».
  فالجواب: أنه عدل عن المراد بالكلام، إما لجهله بمعناه، وإما لتجاهله، ليبقى المبطل على حالته، وبيانه أن المرجئة ومن طابقها يقولون: إن الشفاعة إنما تكون لدفع الضرر، وأهل الجنة لا يلحقهم ضرر، فبطل أن تكون الشفاعة لأهل الجنة، فلم يبق إلا أن تكون لأهل النار.
  فأجاب عن قولهم هذا: بأن الشفاعة قد تكون لجلب النفع، كما تكون لدفع الضرر، ولهذا كما يقال شفع فلان إلى الأمير في تخليص أسير، يصح أن يقال شفع فلان إلى الأمير ليزيد فلاناً في راتبه وعطيته.
  واستشهد بالبيتين، فذكر الفقيه ما لا تعلق له بالسؤال ولا بالجواب، وقال: وأما البيتان فلا حجة بالشعر على الأحكام، فجهل الفقيه المراد، وتعامى عنه وهو أن هذا المعنى موجود عند العرب، وهو أن الشفاعة قد تكون للدفع والنفع، واستشهد بقول شاعرهم فذهب إلى أن المراد الأحكام.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ونقول أيضاً النهي عن البخل، والأمر بالجود، لا يخرج معناه عن قصدنا، فإن الشفيع للمذنب إذا قال لمن يشفع: جد عليه بالعفو عن ذنبه، ولا تبخل بالعفو فتعاقبه، كان هذا معنى صحيحاً وللنبي ÷ شفاعتان،
(١) القائل فقيه الخارقة.
(٢) بشفاعته (نخ).