[إنكار الفقيه لقول الرسول ÷: «لا يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي» - والرد عليه]
  كما ورد في الأحاديث، شفاعة في الحساب، وشفاعة في إخراج قوم من النار».
  فالجواب: أنا لا ننكر ورود الشفاعة بالعفو، ولا نبخل به، لكن الظاهر في البخل هو المنع من الإعطاء، وإن استعمل فيما قال فالأول أظهر، فيجب حمله عليه، ولا مانع من ثبوت مقامين له ÷، ومقامات للشفاعة، لكن لا ناصر للظالمين، كما قال تعالى: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ٢٧٠}[البقرة]، وقال تعالى: {أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ١٩}[الزمر]، وقوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ١٢٣}[النساء].
  فإن كانت الشفاعة لإزالة المستحق من العقاب كان خلافاً لظاهر الآية، ونقض الفقيه مذهبه في أنهم لا يستحقون العقاب دائماً، وإن كانت الشفاعة لإزالة ما ليس بمستحق، فهو تعالى لا ينزل من العقاب ما لا يستحق، فلا فائدة في إزالة الزائل، وكذلك إن كان استحقاقهم للعقاب على وجه الانقطاع، وقد كان ينقطع عنده، فتكون الشفاعة عبثاً، شرف الله رسوله عن ذلك.
[إنكار الفقيه لقول الرسول ÷: «لا يبلِّغ عني إلا رجل من أهل بيتي» - والرد عليه]
  وأما قوله: «قال القدري: وأما مصادمته للأخبار في قصة سورة براءة، فيظهر بها قلة إنصافه، وشدة ميله عن الحق وانحرافه، لأنها كانت أموراً جلية، لا يردها إلا من أعمته العصبية، أو الحمية الجاهلية، أو بغضة العترة الزكية.
  فأقول(١): ليت شعري من الذي هو قليل الإنصاف، أهو الذي يتكلم بغير بصر؟ أم الذي ذكر الحديث، وتكلم على معناه، وأوضح ما زعم مورده أنه حجة له بأنه ليس بحجة؟ ولكن قد قلت لك: إن هذا الرجل إذا لم يجد جواباً اقتصر على الكذب أو التكذيب، أو الطعن والتهجين، ولم يجد حجة غيره».
(١) القائل فقيه الخارقة.