[معنى التطهير]
  وقوله [أي الفقيه]: إنما قطعوا أعمارهم بالاشتغال بالجدال، وأفنوها بقيل وقال.
  فالجواب [المنصور بالله]: فإن كان الجدال فعلهم خرج من مذهبه، وإن كان فعل الله تعالى فإنه يكفر بذمه أفعال الله تعالى، ولأن الجدال بالحق قد أمر به تعالى في الكتاب الكريم، والفقيه قد شارك في القيل والقال.
  وقوله: إن المعتزلة قد أجمعت على إنكار الكرامات - فهو باطل؛ لأنهم اختلفوا في ذلك اختلافاً شديداً، وعندنا من مناظراتهم للمذهبين جميعاً ما يبطل قوله فيهم إلى وقت بلوغ خبرهم إلينا، والله أعلم بما قالوا بعد ذلك، وهو ما بعد المائة والخمسين سنة فأقرب.
[معنى التطهير]
  وأما قوله [أي الفقيه]: قال القدري [أي القرشي]: وأما اعتراضه على آية التطهير بأن العبد فاعل، وأنه يطهر نفسه فهو من جملة افترائه على الأولياء.
  بل الله ø هو المطهر لعباده الأتقياء؛ لأنه الذي حكم بطهارتهم وسمى وتولى سبحانه لهم التوفيق والتسديد، والمعونة والتأييد كما يشاء، ونحن نعرفها في آبائنا $ وأتباعهم من فضلاء المسلمين، ولولا خشية الإطالة لروينا من ذلك كثيراً.
  هذا القاسم بن إبراهيم # دعا إلى الله تعالى في مخمصة فتهدل السرير عليه رطباً، ودعا إلى الله في ليلة مظلمة فامتلأ البيت عليه نوراً، وقد من الله تعالى علينا بما هو أهله، ويجب شكره، مما قد ذكره الأولياء في كتبهم، وبعضهم شاهد ذلك، وبعضهم علمه من المشاهد، ولكن الكرامات لا تكون إلا للأولياء، ولا ولاية لمن يزعم أن الله تعالى يخلق أنواع المعاصي ويريدها.
  فعلى مذهب المجبرة القدرية لا معنى للتطهير؛ لأن الله تعالى خالق لجميع الأفعال، الهدى منها والضلال، فإن فعل فيهم الطاعة والإيمان طهروا، وإن لم يفعل ذلك فيهم لم يطهروا، فلا معنى للمنة بشيء، هو المتولي لأصله وفرعه، ولا