كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[معنى التطهير]

صفحة 17 - الجزء 4

  حيلة للعبد في الخروج منه بوجه من الوجوه، ولولا قلة التحصيل لما أورد ما ينقلب عليه أوضح الإنقلاب.

  فأقول [أي الفقيه] وبالله التوفيق: هذه من حال هذا الرجل مغالطة لا تنجيه، ومدافعة عنه بما هو فيه؛ أما قوله [أي القرشي]: فإني قلت إن العبد فاعل، وأنه يطهر نفسه - وهو⁣(⁣١) صفوة مذهبه وحاصل معتقده، لاعتقاده القدرة التي تصلح للضدين الإيمان والكفر، والمعصية والطاعة، يطيع إذا شاء ويعصي إذا شاء، ولو شاء الله خلاف ذلك منه لما وجد، فكيف يقول هذا الإفتراء لولا ما أقدم عليه من قصد التدليس.

  فالجواب [المنصور بالله]: أنه ذكر الفعل، وترك التمكين منه بالقدرة، وسلامة الآلة، وترك اللطف الذي عنده يختار الطاعة أو يكون أقرب.

  وما ذكر من المغالطة بزعمه في قوله إنه سبحانه حكم بطهارتهم، فقال [أي الفقيه]: وليس الحكم والتسمية في الطهارة من خلق الطهارة في شيء؛ لأن عندهم أن العبد هو الذي خلق الطهارة وأحدثها بعد أن لم تكن، والله تعالى هو الذي حكم بطهارته وسماه طاهراً فما أبعد أحد الأمرين من الآخر.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن إنكاره أن يكون الحكم بالتطهير والتسمية به يسمى تطهيراً مخالفة لما يعرفه العقلاء فإنهم يقولون: زكى فلان فلاناً وطهره إذا حكم عليه بالتزكية والطهارة وسماه بذلك، كذلك التسمية بالكفر يسمى كفراً أيضاً وهو ظاهر كما قال الكميت بن زيد الأسدي |:

  وَطَائِفَةٌ قَدْ كَفَّرُونِي بِحُبِّكُمْ ... وطَائِفةٌ قَالُوا مُسِيءٌ ومُذْنِبُ

  ومعناه حكموا عليه بالكفر وسموه به وقال تعالى في مثل ذلك: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ}⁣[المائدة: ٤١]، ومعناه أن يحكم بطهارتها لما لم


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.