كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[معنى اللطف والهداية]

صفحة 19 - الجزء 4

[معنى اللطف والهداية]

  ثم قال [أي الفقيه]: وأما قوله [أي القرشي]: ولم يبق عند الله تعالى من اللطف والهداية أكثر مما خلق فيهم، أفلا ترى إلى عظيم هذا الإفتراء وفضيحة هذا الإجتراء.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن قوله هذا كذب، متى أطلقه بل نقول: إن في مقدوره تعالى من اللطف ما يفعله بشرط الإهتداء بالهدى الأول فيفعله سبحانه وتعالى، وما كان مشروطاً بأمر زائد على ما ذكرنا فمتى حصل سبب كونه لطفاً؛ وجب كونه لطفاً.

  فإن كان من فعله تعالى فعله، وإن كان من فعل مكلّف آخر ولم يكن مفسدة أوجبه، ومتى كان من فعل غير متعبد وعلم أنه يفعله كلف بالملطوف فيه، وإن علم تعالى أن غير المكلف لا يفعله إلا بأن يلجيه على فعله ألجأه، وإن علم تعالى أن غير⁣(⁣١) المكلف لا يفعله ولو ألجأه فالصحيح أنه يكلفه ويكون بمنزلة من لا لطف له، أو بمنزلة من له لطف في فعل القبيح⁣(⁣٢)، وهذا باب هو منه عاطل، فلا نشتغل بتفصيله.

  وإنما أخرجنا إليه دعواه الكاذبة، أنه لم يبقَ لهم عند الله من اللطف أكثر مما خلقه فيهم، فأريناه أن عنده تعالى ذلك بأن يفعله، أو يوجبه، أو يعلم أن المكلف يفعله، أو يلجي غير المكلف إلى فعله، فإن لم يعلم تعالى شيئاً من ذلك لكونه مستحيلاً؛ فإن مجرد التمكين يكفي في حسن تكليف من لا لطف له أصلاً.


(١) قوله: (وإن علم تعالى أن غير المكلف ... إلخ) لا يتصوّر أن يلجأه ولا يفعله فلا يستقيم الكلام إلا بحذف غير ويكون الضمير في قوله: ولو ألجأه لغير المكلّف، فيصير المعنى هكذا: وإن علم تعالى أن المكلّف لا يفعله أي الملطوف فيه وإن ألجأه إليه أي غير المكلّف ... إلخ. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.

(٢) لعلّ المراد أن بعض القبائح قد يكون لطفاً في غيره لكن يمتنع التكليف به لقبحه لا أن المراد أن ثم لطفاً يوصل إلى القبيح فإنه مفسدة لا لطف فلا إشكال. تمت من التخريج.