كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[معنى اللطف والهداية]

صفحة 20 - الجزء 4

  وكذا ما خلطه من الهداية فهي أيضاً تنقسم إلى: تمكين، ودلالة، وهذا لا بد منه لكل مكلف كما قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}⁣[فصلت: ١٧].

  وَمِنَ الْبَلِيَّةِ عَذْلُ مَنْ لا يَرْعَوِي ... عَنْ جَهْلِهِ وَخِطَابُ مِنْ لا يفهم

  وإلى لطف وقد بينا أقسامه مفصلة، وإلى ثواب؛ فإن الثواب يسمى هداية لقوله تعالى: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ}⁣[يونس: ٩]، ومعناه يثيبهم، فما هذا الإطلاق الذي لا يحسن في الأمور المحتملة للصحة والفساد على ما ذكرنا من اختلاف الوجوه.

  وأما قوله [أي الفقيه]: وقد بينا ما المراد بالتوفيق والتسديد والتأييد، وأنهم لا يقولون بذلك، ولا يذهبون إليه.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن الأفعال متى كانت من الله تعالى فلا فائدة في التوفيق والتسديد والتأييد؛ لأن ذلك إنما يكون كالعون للعبد على أن يفعل، فإذا كان تعالى هو الفاعل لأفعال العباد، فكأنه على مذهبه يوفق نفسه ويسددها ويؤيدها وذلك قول باطل.

  ثم قال [أي الفقيه]: وأما قوله [أي القرشي]: على مذهب المجبرة القدرية فلا معنى للتطهير، فإن فعل فيهم الطهارة والإيمان طهروا.

  فأقول [أي الفقيه]: لقد غلط هذا الرجل في هذا غلطاً عظيماً، وأخطأ خطأً فاحشاً حيث قال: على مذهب المجبرة لا معنى للتطهير، فعلى مذهب المجبرة يكون الله تعالى هو المطهر، فلا كلام لأنهم يعتقدون أن الفعل فعل الله ø وأن الآدمي لا فعل له أصلاً، وأنه مضطر إلى جميع أفعاله.

  فالجواب [المنصور بالله]: ما قدمنا أن التطهير قد يكون بخلق الطهارة وهي اللطف والتوفيق اللذان هما من فعله تعالى، وقد يكون هو الحكم والتسمية لأجل ما فعله العبد، فحكم عليه سبحانه بأنه طاهر وسماه بأنه طاهر وجاز تسمية ذلك طهارة وتطهيراً، ويقال طهره إذا حكم بأنه طاهر، وزكاه إذا حكم