كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عدم افتراق الكتاب والعترة (ع)]

صفحة 32 - الجزء 4

  للأبد بأنها تكون مستعملة إلى غاية لا يحصل المنفي قبل انتهائها وتكون مشبهة بالأبد من هذا الوجه.

  فإذا تقرر هذا فمعلوم أن المراد بما في الآيات التي ذكرها في مدة أوقات التكليف، دون أوقات الآخرة؛ لأنها وردت فيما يتعلق بالتكليف فمتى لم يتمنوا الموت في الدنيا فقد حصل هذا المعنى، ولا تعلق في ذلك بأحوال أهل الآخرة، بل أمور الآخرة على حيالها فقد حصل الغرض المطلوب من معنى (لن) فيما ذكرنا.

  وأما ما أخبر الله به ø من تمنيهم للخروج من النار وسؤالهم القضاء الذي هو الإماتة طلباً للتخلص من تلك الأهوال العظام؛ فليس له تعلق بأحوال التكليف، بل الخبر فيه لطف للمكلف لينزجر ما دام متمكناً من الإنزجار، وليحذر في وقت ينفعه الحذار، فافهم ذلك وتدبره، وستجده كما قلنا إن شاء الله.

  فنقول [أي الفقيه] وبالله التوفيق: قد ذكرنا معنى هذا فيما تقدم من رسالتنا هذه، وبينا كيف افترقنا على وجه يوافقنا فيه هذا الرجل، ولا يقدر على مخالفتنا فيه؛ فالجواب: أن ما ذكره من سؤال فقد صدر جوابه بما يقف عليه إن شاء الله تعالى.

  وأما قوله [أي القرشي]: أن (لن) وإن كانت موضوعة في الأصل للأبد فمن⁣(⁣١) سلم لك ذلك الأصل بل نقول: ما ذكرناه أدل دليل على أنه ليس المراد بها الأبد في الدارين؛ لأنه قال: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا}⁣[البقرة: ٩٥]، فذكر (لن) وذكر الأبد، ولم يكن إلا في مدة معلومة، كذلك يمكن أن يكون في قوله: ولن يفترقا في مدة معلومة، أو لن يفترقا يريد العترة باجتماعها، فإنها باجتماعها لا تخالف الكتاب ولا تفارقه، وأما على الانفراد فمتعذر ذلك؛ لأنه قد يرى بعض العترة رأياً ويخالف في ذلك بعضها، ولا يمكن دفع الاختلاف لوجوده وظهوره.

  ومن المشاهدة أن هذا الإمام العباسي من العترة أهل البيت بالاتفاق، وقد


(١) بداية كلام الفقيه.