كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عدم افتراق الكتاب والعترة (ع)]

صفحة 34 - الجزء 4

  اليهود، وهل هذا إلا رجم بالغيب، وقطع بغير دليل، والمنى يكون لغيرهم ممن لم يتعلق به النفي من الحكيم سبحانه، ولأن النفي عن شخوص معينة من اليهود على عهد النبي ÷، فلو تمنى منهم اليوم متمن لما قدح ذلك في الآية؛ لأن رسول الله ÷ أخبرهم أنهم لو تمنوا لماتوا عن آخرهم وعلموا صدقه فامتنعوا، فلو تمنى اليوم منهم متمن لما أثر ذلك في معنى الآية، وعندنا أن أولئك الشخوص لا يتمنون الموت في دنيا ولا آخرة؛ لأن الله تعالى لا يخبر إلا بالحق.

  ولأنه لو كان (لن) لا تفيد التأبيد فإنَّ جعْلَ رسول الله ÷ ورود الحوض غاية لذلك يقتضي الملازمة بين الكتاب والعترة إلى ذلك الوقت المعين، ولولا ذلك لاختل الكلام النبوي، وبطلت فائدته، وذلك لا يكون لأن يستقيم للفقيه مذهبه الفاسد قال تعالى: {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ٤ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ٥}⁣[القدر]، فجعله غاية.

  وقد أخبر رسول الله ÷ أنهما لن يفترقا، وهو أولى بالتصديق ÷ من جميع البشر؛ فكيف يُصَدَّق الفقيه فيما يخالف قول الرسول ÷؟

  وأما آحاد العترة فتجوز مخالفة الواحد منهم للكتاب بمعصية الله تعالى، وأما اختلاف آراء العترة فإن كان في الشرعيات، فذلك جائز، وقد اختلف الصحابة ¤ في الشرعيات، وأفتى أحدهم بنقيض ما أفتى به الآخر، ولم يقدح ذلك في حقهم وكونهم أولى بالأمر من سائر الأمة، فكذلك العترة بطريق الأولى؛ لأنهم أهل البيت المطهرين⁣(⁣١) من الأدناس، المفضلين على جميع الناس، قضى رسول الله ÷ لهم بإصابة الحق وحدهم، ولم ينتظم إجماع الأمة بالاتفاق إلا بهم، فثبت الأمر بثباتهم واتفاقهم مع الأمة بإجماع الأمة معهم على ذلك، واختصوا بأن إجماعهم حجة على الأمة، وقامت بذلك الدلالة، وإن خالفتهم الأمة، فتفهم ذلك إن كنت ممن يفهم.


(١) منصوب على المدح؛ تمت سماعاً عن الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.