كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الدليل على ثواب المطيع وعقاب العاصي]

صفحة 51 - الجزء 4

  يثيب؛ إذ من الجائز عندك أنه لا يثيب؛ لأنه غير مستحق عليه، فيكون بصفة التفضل، وفعل التفضل غير واجب.

  فإن قيل: قد أخبر أنه يفعله.

  قلنا: عندك أنه تعالى خالق كل كذب، فما يؤمنك أن هذا من جملة ما جوزته عليه تعالى من خلق الكذب والسخرية بالمكلفين، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

  وأما قوله [أي: الفقيه]: ذكرنا أيضاً الخلود، واستدللنا على بطلان ما مَوَّه به هذا الرجل في الموحدين.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن التمويه عندك هو خلق الله تعالى، فكيف تعيب عليه تعالى ما خلقه من التمويه، وتضيفه إلى غيره تعالى، وهي عندك إضافة غير صحيحة؛ لأنه لا يتحصل لك إلا أن الفعل فعله تعالى، وأن العبد لا يقدر على تحريك ولا تسكين، ولا تشديد ولا تليين، ولا تعمية ولا تبيين، وعلى أن قوله: هو تمويه ممن استدل به.

  فالجواب: أنه استدل بكتاب الله تعالى وهو قوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}⁣[النساء: ١٢٣]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ}⁣[الجن: ٢٣]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا}⁣[النساء: ١٤]، وسائر العمومات التي يدخل تحتها الكافر والفاسق.

  وكذلك الأخبار التي رويناها قبل هذا تختص الفساق منها قدر أربعين حديثاً، فكيف يعد الاستدلال بكتاب الله تعالى، وسنة نبيه، وأخباره ÷ المسندة الصحيحة تمويهاً، لولا قلة الخوف لله تبارك وتعالى، والمراقبة له.

  وأما قوله [أي: الفقيه]: ومن قبيح مذهبكم أنكم توجبون على الله تعالى الثواب والعقاب، وإن لم يفعل ذلك استحق الذم عندكم ومنكم، ونسبتموه إلى الظلم والسفه، فمن أشد من هذه الأمة كفراً منكم لو تشعرون.