كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[فضيلة عظيمة لمن ذكر فضيلة من فضائل أمير المؤمنين #]

صفحة 106 - الجزء 4

  وصاحبه، وقد أثنى عليه، ودعا له، وأخبر أنه من أهل الجنة، مع علمه بما يؤول إليه أمره، وبأنه يقاتل علياً # باغياً عليه لما تعرضنا لذكره.

  فالجواب [المنصور بالله]: أنا قد بينا أن ما ذكره في أمره منه ما كان صحيحاً من الصهر والصحبة والاستكتاب، ومنه ما لو صح من الدعاء له، والثناء عليه، والإخبار بأنه من أهل الجنة على بعد ذلك؛ فالجواب فيه ما قدمنا من أنه ÷ يخبر بالمستَحَق في الحال، فمن استقام على تلك الحالة التي استحق عليها البشارة كان من أهلها، ومن خالف أو غير أو بدل، وختم له بآخر عمله؛ كان جزاؤه بحسبه، إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً.

  وما ذكر بعد ذلك من إظهار التورع، والندب إلى قلة التسرع بالأذية؛ فلقد كان له في نفسه ما ينبغي أن يبدأ به من ذلك وأشباهه، فما علمنا أن أحداً ممن يدعي العلم والمباحثة لأهله، سلك مسلك هذا الفقيه في الوقاحة، والتكذيب في غير كذب، والمغالطة حيث يجب عليه الجواب، والخروج من باب إلى باب، وما علمنا ممن باحثناه، ولا من رأينا بصفته من مسلم ولا كافر؛ مثل طريقته في أجوبته الواصلة إلينا، فكيف يذم الحُولَ مَنْ هو أَعْوَرُ؟!

  وأما ما ذكره لطلحة - فالجواب: أن ذلك يدل على صحة توبته، ورجوعه وندامته عن محاربة علي #.

  وأما تمثيله بأن يخطي في اعتقاده أن زيداً مثلاً مسلم اعتماداً على الظاهر، وهو كافر عند الله؛ أسلم من أن يعتقد أنه كافر، وهو مسلم عند الله تعالى.

  فالجواب: أن الصواب متابعة الحق أينما كان، وإلزام كل أحد ما يجب إلزامه، والعمل بمقتضى الدلالة، والتحرز من الخطر ما أمكن.

  على أنه لم يسلك معنا مسلكه مع معاوية الباغي؛ بل جاهرنا بالسب، والأذية، والتكذيب، وبالنسبة إلى المذاهب الكافرة، لما حكينا له اعتقادنا الذي دل عليه الكتاب والسنة؛ فهلا جعل دليلنا على ذلك كله بمنزلة شبهة معاوية الواهية.