[بيان معنى الفاسق]
  مقابر المسلمين، والصلاة عليه، والفاسق لا يحرم ذلك فيه، وإن لم تجز عندنا الصلاة عليه(١).
  وأما تسميته منافقاً فلا يصح لأن المنافق هو من يبطن الكفر ويظهر الإسلام(٢)، وليست هذه حال الفاسق؛ فإنه مع معصيته لله تعالى غير مبطن للكفر فلا يكون منافقاً.
  وإذا بطلت هذه الأقسام صح أن يقال: هو فاسق وليس بمؤمن ولا كافر، وله منزلة بين منزلة المؤمن والكافر.
  فيشارك الكافر في الاستخفاف والإهانة، والبراءة، واللعن، والحكم عليه بالنار بمقدار معصيته، وإن كان عقابه دائماً، ويفارقه في أنه لا يحكم عليه بتحريم الرطوبة، والذبيحة، والمناكحة، والدفن في مقابر المسلمين.
  ويشارك المؤمن في هذه الأمور، ويفارقه فيما شارك فيه الكافر من استحقاق الإهانة والذم واللعن، واستحقاق العقاب.
  وأما خطأه الثاني فإنه كَفَّر من قال بهذه المنزلة بين منزلة المؤمن ومنزلة الكافر، وقد دللنا على صحتها، فكيف يكون من عمل بمقتضى الدلالة كافراً.
  وأما خطأه الثالث في تسمية الفاسق مسلماً ومؤمناً، فلما بينا أن ذلك لا يجوز، لأن قولنا مؤمن ومسلم يفيد المدح والتعظيم، قال الله تعالى: {إِنَّمَا
(١) قال ¥ في التعليق: يقال والفاسق له أحكام تخالف أحكام المؤمن، من رد شهادته وخبره، وترك الصلاة عليه وخلفه، ووجوب معاداته، فكما أن لأهل الذمة أحكاماً تخالف أحكام المشركين، ولا يمنع من إطلاق الكفر عليهم فكذا في الفاسق؛ بالأدلة في أن تارك الصلاة كافر، ومثل إن تأخير الصلاة عن وقتها كفر، ومن خالف الجماعة قيد شبر الخ. ونحو ذلك من الأخبار المصرحة بكفر من نسميه فاسقاً، مثل: (من أتى امرأة في دبرها فقد كفر). وكثير من الأخبار تفيد القطع بإطلاق الكفر على الفاسق، والله أعلم، تمت. كاتبه.
(٢) قال ¥ في التعليق: وأما المعاملة للفاسق فكالمنافق، تمت. وينظر في دليل النقل عن معنى النفاق لغة، تمت كاتبه.