كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[قتل حجر بن عدي وأصحابه]

صفحة 135 - الجزء 4

  وفارق الجماعة، ولعن الخليفة، ودعا إلى الحرب والفتنة، وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة، وخلع أمير المؤمنين معاوية، وكفر بالله كفرة صلعاء⁣(⁣١). ثم كتب زياد شهادة الشهود، وأمر بالكتاب وبحجر وجماعة من أصحابه إلى معاوية، وكتب إليه كتاباً آخر يحرضه على قتلهم، ويذكر له صنعهم، وشهادة قومهم وغيرهم عليهم.

  فلما قرأ معاوية كتابه، كتب إلى زياد: أما بعد فقد فهمت ما اقتصصت من أمر حجر وأصحابه، وشهادة من قبلك عليهم، فنظرت في ذلك فأحياناً أرى قتلهم أفضل من تركهم، وأحياناً أرى العفو عنهم أفضل والسلام.

  فكتب إليه زياد: أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت رأيك في حجر وأصحابه، فعجبت لاشتباه الأمر عليك، وقد شهد لهم بما سمعت من هو أعلم بهم؛ فإن كانت لك في هذا المصر حاجة فلا تردن حجراً وأصحابه إلي؛ ثم كان من أمرهم ما كان، والله أعلم بالشهود، والمشهود عليه، والمشهود له.

  فالجواب [المنصور بالله]: أنه قال: لا مستند في قتل حجر إلا من التاريخ، ثم روى هو من التاريخ؛ فإن كانت الرواية منه صحيحة؛ فلم استثقله واستنكره؟ فلفظه يؤذن بذلك.

  وإن كان لا يعمل عليه كما ذكر قبل هذا فيما خالف مذهبه؛ فلم احتج به وحكاه على وجه تصغير ما هو عظيم من قتل حجر |؟! ثم اقتصر في الجواب على حكاية مكاتبة معاوية وزياد، وليس فيه بيان عذر لمعاوية؛ بل فيه تحقيق الحال، وأنه الذي أمر بقتله وقتل أصحابه، فاستحق بذلك الحكم من اللعن والتبري منه؛ لما أقدم عليه من ذلك بما يهلكه.

  على أنا نأتيه بما ذكره محمد بن جرير الطبري، الذي استدل بحكايته، وأسند


= الشهود حسبها كما في رواية الطبري.

(١) أي ككفرة الأصلع، والمراد به علي بن أبي طالب ~.