كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بطلان بيعة يزيد بن معاوية]

صفحة 146 - الجزء 4

  بما هم فيه منهم، وأولى به في الدين والفضل، أما والله ما كان يبدل بالقرآن الغناء، ولا بالبكاء من خشية الله الْحِداء، ولا بالصيام شرب الخمر، ولا بالمجالس في حلق الذكر الركض في طلاب الصيد؛ فسوف يلقون غياً.

  كل ذلك يريد به يزيد، ولا ينكره في ذلك ولي ولا عدو، ولولا فُرْطُ علم الفقيه الذي خالف به صالحي الأمة ما احتاج في فسق يزيد إلى برهان.

  وكأن الفقيه لم يعلم حديث الوفد الذي حكاه الطبري في تاريخه، فيهم عبدالله بن حنظلة الأنصاري، وعبدالله بن عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي، والمنذر بن الزبير في رجال كثير من صالحي أهل المدينة، فقدموا على يزيد فأكرمهم غاية الإكرام، وأعطاهم الجزيل من المال؛ فقدم المدينة كلهم إلا المنذر بن الزبير، فلما قدم أولئك النفر قاموا بشتمه وأظهروا عيبه وقالوا: إنما قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر، ويعزف بالطنابير، وتعزف عنده القيان، ويلعب بالكلاب، ويسامر الفتيان.

  ولما وصل المنذر بن الزبير المدينة كان من كلامه، إن يزيد أجازني بمائة ألف، والله ما يمنعني ذلك من قول الحق، فأصدقكم خبره: والله إنه يشرب الخمر، وإنه ليسكر حتى تفوته الصلاة.

  وقد علمت ترثيته⁣(⁣١):

  أَبَنِي أُمَيَّةَ إنّ آخِرَ مُلْكِكُمْ ... جَسَدٌ بِحَوَّارِينَ ثَمَّ مُقيمُ

  جَاءَتْ مَنِيَّتُهُ وَعِنْدَ وِسَادِهِ ... كُوْزٌ وَزِقٌّ راعِفٌ مَرْثُومُ

  وَمُرِنَّةٌ تَبْكِي عَلَى نَشَوَاتِهِ ... في الصُّبْحِ تَقعُدُ تَارَةً وتَقُومُ


(١) عزاها في تاريخ الطبري (٣/ ٣٨٦) إلى ابن عرادة، وفيه بدل (جاءت منيته): طرقت منيته. وبدل (في الصبح): بالصنج. وكذلك في (نخ مخطوطة) وفي مخطوطة أخرى: بالصبح. وانظر: أنساب الأشراف للبلاذري (٥/ ٣٥٥)، والكامل في التاريخ (٣/ ٢٤٥).