[بطلان بيعة يزيد بن معاوية]
  هذا رواه الطبري في تاريخه، وقد صححت روايته، وهب أنك أنكرت ذلك كما أنكرت الضروريات من غيره، أيمكنك إنكار قتله من أبناء المهاجرين والأنصار ستة آلاف رجل، في حرم رسول الله ÷؟ وقد حرّم رسول الله ÷ المدينة ما بين لابتيها، وقيل: بين عير إلى ثور، ولعن من عضد شجرها، أو نفر صيدها، أو أحدث فيها حدثاً، أو آوى محدثاً؟
  فاجعل أيها الفقيه العلاّمة عنق الرجل بمنزلة الغصن من الشجر؛ فقد لحقت يزيد لعنة الله ولعنة النبي ÷ بما لا يمكن إنكاره نصاً لا يحتمل التأويل؛ لأنه لعن من اختلا خلاها، وعضد شجرها، ونفر صيدها؛ فاجعل جيران النبي ÷، ومهاجريه وأنصاره؛ بمنزلة الصيد، أيها العالم البديع المعرفة.
  وإن قلت: إن يزيد لم يباشر القتل، فهل تنكر أنه الآمر والمجيّش والراضي، وفيما يحتج به أهل الفقه أن عامل عمر بن الخطاب على صنعاء أمر إليه يخبره بقصة المرأة، وادعائها الخمسة في قتل ولد زوجها، ووجد في بئر باب غمدان، فأمر إليه عمر بقتلهم جميعاً، فوالله لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم.
  وأما قوله [أي: الفقيه]: ولسنا نستدل بهذا على تصحيح إمامة يزيد، وإنما قصدنا في ذلك تمهيد عذر معاوية؛ فلعله ولاه وهو على غير هذه الحالة التي ذكرت عنه بعد، ثم قد تنصل عند موته واعتذر وتندم، والله أعلم بقصده ونيته.
  فالجواب [المنصور بالله]: أن الفقيه فضح نفسه بهذا الكلام عند أهل الإسلام، من حيث زعم أن قصده أن يمهد عذر معاوية في تولية يزيد على الأمة بزعمه، ثم تجميله بقوله: فلعله ولاه وهو على غير هذه الحالة التي ذكرت عنه، ثم ناقض الفقيه فقال: ثم قد تنصل عند موته واعتذر وتندم، ثم ضجع الأمر بعد أن قطع وقال: والله أعلم بقصده ونيته.
  وقال قبل هذا: ولسنا نستدل بهذا على تصحيح إمامة يزيد، فكيف يخفى عليه أن معاوية ويزيد قصدا بذلك الخلافة على الأمة.