[بطلان بيعة يزيد بن معاوية]
  فإن كان حقاً عند الفقيه؛ فلم نفاه عن نفسه؟ وإن كان باطلاً؛ فلم قال: إن قصده في ذلك تمهيد عذر معاوية؟
  فإن كان العذر لمعاوية صحيحاً في العقد ليزيد بالخلافة فقد نقض الفقيه قوله، وإن كان باطلاً فلم مهد له العذر في فعل الباطل؟ وكيف تخفى مثل هذه الأباطيل التي نمقها، والأكاذيب التي لفقها على من له أدنى مسكة من لب؟
  وبعد ذلك أليس كانت البيعة ليزيد ومعاوية في آخر أيامه، لا ما ادعاه من أن بينهما أربع سنين أو خمس على حسب الخلاف في التاريخ.
  والقول فيه ما رويناه بالسند المتقدم إلى صاحب المحيط بأصول الإمامة، يبلغ به السيد أبا العباس الحسني # قال: أخبرنا عبدالله بن محمد التيمي، قال: حدثنا أحمد بن حرب بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحفصي، قال: حدثنا عباد بن صهيب، عن الوليد بن مروان، عن ابن إسحاق، عن أبيه، عن محمد بن الحنفية #.
  قال عباد: وحدثنا أنس بن عياض، عن جعفر بن محمد، عن أبيه.
  قال عباد: وحدثنا زاهر بن سليمان، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن برسم، قال: وحدثنا محمد بن كثير، عن إسحاق بن الفضل الهاشمي، عن أبيه، عن ابن عباس، وعن غير هؤلاء ممن ذكرهم عباد وغيره: أن رسول الله ÷ خرج مسافراً من المدينة؛ فلما كان بحرة وقف واسترجع؛ ثم مر؛ ثم وقف واسترجع أكثر من الأول وبكى وقال: «هذا جبريل يخبرني بأرض أنها أرض كرب وبلاء، ويقتل فيها الحسين سَخْلِي وفرخ فرختي، وأتاني بتربة حمراء».
  ثم دفع التربة إلى علي # وقال: «إذا غلت وسالت دماً عبيطاً فقد قتل الحسين» ثم قال ومد يده: «يزيد اللهم لا تبارك في يزيد، فكأني أنظر إلى مصرعه ومدفنه».