كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عهد معاوية لولده يزيد]

صفحة 149 - الجزء 4

  قال: ودفع علي # التربة إلى أم سلمة فشدتها في طرف ثوبها؛ فلما قتل الحسين # إذا بها تسيل دماً عبيطاً؛ فقالت أم سلمة: اليوم أفشي سر رسول الله ÷.

  قال ابن عباس: واشتد برسول الله ÷ مرضه الذي مات منه، فحضرته وقد ضم الحسين # إلى صدره يسيل من عرقه عليه، وهو يجود بنفسه ويقول: «ما لي وليزيد لا بارك الله فيه، اللهم العن يزيد» ثم غشي طويلاً، وأفاق وجعل يقبّل الحسين وعيناه تذرفان، ويقول: «أما إن لي ولقاتلك مقاماً بين يدي الله».

[عهد معاوية لولده يزيد]

  قالوا: ثم إن معاوية لما استولى على الأمر تسع عشرة سنة وستة أشهر، ودخلت سنة ستين مرض مرضته التي مات فيها، فكان يرى أشياء ويهذي منها هذياناً كثيراً ويقول: ويحكم اسقوني اسقوني فيشرب فلا يروى، وربما غشي عليه اليوم واليومين، فإذا أفاق نادى بأعلى صوته: ما لي ولك يا حجر بن عدي، ما لي ولك يا ابن أبي طالب.

  فلم يزل كذلك أياماً، ويزيد معه ويقول: يا أبتي إلى من تكلني عجل بالبيعة لي وإلا والله أكلت، أتعلم ما لقيت من أبي تراب وآله.

  قال: ومعاوية يتململ في الفراش، ويفكر فيما عقد عليه للحسن والحسين @ إذ كان عند مهادنته عقد أن يكون الأمر من بعده للحسن ثم للحسين من بعد الحسن، فلما كان اليوم الخامس دخل عليه أهل الشام فرأوه ثقيلاً، فبادروا إلى الضحاك بن قيس، وكان صاحب شرطة معاوية ومسلم بن عقبة قالوا: ماذا تنتظران ذهب والله الرجل، فبادراه وليوص إلى يزيد؛ فإنه رضانا، فلا نأمن أن يخرج هذا الأمر إلى آل أبي تراب.

  فدخلا عليه وقد أفاق وهو يقول: أصبحت والله ثقيل الوزر عظيم الجرم؛ فقالا: إن الناس قد اضطربوا وأنت حي، فكيف إن حدث بك حدث، وقد