[عهد معاوية لولده يزيد]
  رضوا بيزيد؛ فقال معاوية: لم يزل هذا رأيي، وهل يستقيم لهم غير يزيد؛ إنما طلبتها لتبقى في ولدي إلى يوم القيامة، ولا ينالها ذرية أبي تراب.
  قال: وأدخل عليه الناس فقال: يا أهل الشام كيف رضاكم عن أمير المؤمنين؟ فقالوا: خير الرضا، كنت وكنت؛ ثم شتموا علي بن أبي طالب والحسن والحسين $ وقرضوا يزيد ومدحوه. فقال لهم: قوموا فبايعوه؛ فأول من بايعه الضحاك بن قيس؛ ثم مسلم بن عقبة ثم الناس.
  قال: وخرج يزيد من فوره، وقد تعمم بعمامة معاوية، وتختم بخاتمه، وعليه قميص عثمان الملطخ بالدم في عنقه، وهكذا كان معاوية يفعله عند إغراء أهل الشام بعلي وأهل بيته؛ فحمد الله وأثنى عليه، وخطب، وبايعه بقية الناس.
  فلما كان من الغد دخل على معاوية الناس ويزيد بين يديه، فأخرج كتاباً من تحت وسادته نسخته: ﷽ هذا ما عهد(١) معاوية بن أبي
(١) قال ¥ في التعليق: روي أن الحسين بن علي (ع) كلَّم معاوية في أمر ابنه يزيد، ونهى عن أن يعهد إليه، فأبى عليه معاوية حتى أغضب كل واحد منهما صاحبه، فقال الحسين في غضون كلامه: (أبي خير من أبيه، وأمي خير من أمه). فقال معاوية: يا ابن أخي أما أمك فخير من أمه، وكيف تقاس امرأة من كلب بابنت رسول الله ÷، وأما أبوه فحاكم أباك إلى الله فحكم لأبيه على أبيك. ذكر هذا الخبر نصرالله بن الأثير في كتابه المثل السائر.
قال ابن أبي الحديد: وهذا من الجوابات الإقناعيه.
كما قال ابن أبي الحديد: (لما نصب معاوية ابنه يزيد لولاية العهد أقعده في قبة حمراء، وأدخل الناس يسلمون على معاوية، ثم يميلون إلى قبة يزيد فيسلمون عليه بولاية العهد. حتى جاء رجل ففعل ذلك ثم رجع إلى معاوية، فقال: يا أمير المؤمنين أما إنك لو لم تول هذا أمور المسلمين لأضعتها، وكان الأحنف جالساً فلما خف الناس قال معاوية: ما بالك لا تقول يا أبا بحر قال: أخاف الله إن [كذبتك] وأخافك إن [صدقتك] فماذا أقول. فقال: جزاك الله عن الطاعة خيراً وأمر له بصلة جزيلة، فلما خرج لقيه ذلك الرجل بالباب. فقال: يا أبابحر إني لأعلم أن شر من خلق الله هذا الرجل، ولكن هؤلاء قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال، فلسنا نطمع في استخراجها إلا بما سمعت! فقال: يا هذا أمسك عليك فإن ذا الوجهين خليق أن لا يكون وجيهاً عند الله غداً، تمت.
عنه ÷: «ذو الوجهين يأتي يوم القيامة وله وجهان من نار»، أخرجه الطبراني عن سعد بن أبي =