[وقعة الحرة كانت بوصية من معاوية]
  سفيان أمير المؤمنين إلى ابنه يزيد، أنه قد بايعه وعهد إليه، وجعل الأمر من بعده إليه، وسماه أمير المؤمنين، على أن يحفظ هذا الحي من قريش، ويبعد قاتل الأحبة هذا الحي من الأنصار، وأن يقدم بني أمية وبني عبد شمس على بني هاشم وغيرهم، ويطلب بدم المظلوم المذبوح أمير المؤمنين عثمان قِبَل آل أبي تراب؛ فمن قرئ عليه هذا الكتاب فقبله وبادر إلى طاعة أميره أكرم وقرب، ومن تلكأ عنه وامتنع فضرب الرقاب.
  فلما خرجوا من عنده أقبل على يزيد، وقال: يا بني إني قد وطدت لك البلاد، وأذللت لك الرقاب، وبؤت بالأوزار، ولست أخاف عليك من هذه الأمة إلا أربعة نفر من قريش: فرخ أبي تراب شبيه أبيه، وقد عرفت عداوته لنا، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن الزبير، وعبدالرحمن بن أبي بكر.
  فأما عبدالرحمن بن أبي بكر فمغرى بالنساء؛ فإن بايعك الناس بايعك.
  وأما ابن عمر فما أظنه يقاتلك، ولا يصلح لها؛ فإن أباه كان أعرف به، وقد قال: كيف أستخلف رجلاً لا يحسن أن يطلق امرأته.
  وأما الحسين بن علي فإن أهل العراق لا يدعونه حتى يخرجوه عليك،
= وقاص تمت. وقد أقر معاوية بضلاله في عهده ليزيد فإنه قال وهو يخطب بمكة (ولولا هَوَايَ في يزيد أبصرت قصدي)، قال ابن حجر الهيثمي مع شدة تعصبه لمعاوية: فيه غاية التسجيل على نفسه بأن زيادة محبته ليزيد أعمت عليه طريق الهدى، وأوقعت الناس بعدُ مع ذلك الفاسق المارق في الردى، انتهى، ذكر ذلك في النصائح الكافية ابن عقيل. تمت.
[وقعة الحرة كانت بوصية من معاوية]
ولمعاوية لعنه الله مشاركة في وزر يزيد في قتله من أبناء المهاجرين والأنصار ستة آلاف رجل، فإنه نقل أبو جعفر الطبري في تاريخه، وابن الأثير في الكامل، والبيهقي في المحاسن والمساوي وغيرهم (أن معاوية قال ليزيد: إن لك من أهل المدينة ليوماً فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة فإنه رجل قد عرفت نصيحته) انتهى من النصائح الكافية لابن عقيل |.
وقال فيها: أخرج مسلم في صحيحه: «من أخاف أهل المدينة ظلماً أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» تمت.