كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام حسن للدامغاني وابن أبي الرجال]

صفحة 230 - الجزء 1

  ومنه أيضاً في تفسير قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى}⁣[الحشر: ٧].

  وبالإسناد المقدم، قال: قال ابن عباس ¥: هي قريظة والنضير وهما بالمدينة، وفدك من المدينة على ثلاثة أميال، وخيبر، وقرى عرينة، وينبع، جعلها الله تعالى لرسوله يحكم فيها ما أراد.

  واختلفوا فيها، فقال ناس: هلا قسمها، فأنزل الله تعالى هذه الآية: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى}، قرابة رسول الله ÷.

  وقوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} يعني من أموال كفار أهل القرى.

  واختلف الفقهاء في وجه استحقاقهم سهمهم من مال الفيء والغنيمة؛ فقال قوم: إنهم يستحقون ذلك بالقرابة، ولا تعتبر فيهم الحاجة وعدم الحاجة، وإليه ذهب الشافعي وأصحابه.

  وقال آخرون: إنهم يستحقون ذلك بالحاجة لا بالقرابة، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه؛ فإذا قُسِم ذلك فُضّل الذكور على الإناث كالحكم في الميراث، فيكون للذكر سهمان وللأنثى سهم.

  وقال محمد بن الحسن: يسوى بينهم ولا يُفَضّل الذُكران على الإناث، وهو الصحيح، ويشهد بصحته ظاهر الكتاب العزيز لقوله تعالى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} فأوجب لهم سهماً معلوماً ولم يفرق بين مَنْ كان ذا حاجة وغير ذي حاجة.

  ومن ذهب إلى أنهم يستحقون ذلك بالحاجة لا بالقرابة فمخالف لظاهر الكتاب العزيز؛ لأنه لو كان الاستحقاق بمجرد الحاجة لقد كان يوجد في غيرهم مَنْ هو أحوج منهم، وإذا وُجِد مَنْ هو أحوج منهم وكان مجرد الاستحقاق حاصلاً فيه وهو وجود الحاجة دون القربى فكان أحق به، وهذا خلاف ورود النص في لفظ الآية؛ لأن لفظ الآية متضمن لفظ القربى ولفظ القربى حاصل فيهم لا في غيرهم.