كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[أسباب صلح الحسن (ع) ومعاوية، وما حدث بعده]

صفحة 169 - الجزء 4


= كنت عليه فقد نقض ما كان بينه وبينك).

وقال المدايني من حديث: (فالتفت حجر بن عدي إلى الحسن فقال: لوددت أنك كنت متّ قبل هذا اليوم ولم يكن ما كان، إنا رجعنا راغمين بما كرهنا، ورجعوا مسرورين بما أحبوا، فقال الحسن: يا حجر ليس كل الناس يحب ما تحب ولا رأيه رأيك، وما فعلت ما فعلت إلا إبقاءً عليك).

قال المدايني: (ودخل عليه سفيان بن أبي ليلى النهدي وقال: السلام عليك يا مذل المؤمنين. فقال الحسن: إن رسول الله ÷ رفع له ملك بني أمية فنظر إليهم يعلون منبره واحداً فواحداً فشق ذلك عليه فأنزل الله تعالى في ذلك قرآناً قال له: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا التي أَرَيْنَاكَ}⁣[الإسراء: ٦٠]، الخ. وسمعت أبي علياً | يقول: (سيلي أمر هذه الأمة رجل واسع البلعوم، كبير البطن، فسألته من هو؟ فقال: معاوية، وقال لي: إن القرآن قد نطق بملك بني أمية ومدتهم قال الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ٣}⁣[القدر]، قال أبي هذا ملك بني أمية)، تمت. وأخرجه الترمذي والحاكم وابن جرير عن الحسن بن علي مرفوعاً بزيادة: (إن القرآن قد نطق بملك بني أمية إلى قوله: {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ٣} يملكها بنو أمية) تمت من السيوطي.

[أسباب صلح الحسن (ع) ومعاوية، وما حدث بعده]

قال المدايني: ولما توفي علي # خرج الحسن بن علي فخطب وقال: (أيها الناس اتقوا الله فإنا أمراؤكم وأولياؤكم، وإنا أهل البيت الذين قال الله تعالى فينا: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} ... إلخ [الأحزاب: ٣٣]) فبايعه الناس ثم وجه عبيدالله بن العباس ومعه قيس بن سعد بن عبادة مقدمة له في اثني عشر ألفاً إلى الشام، وخرج هو يريد المدائن فطعن بساباط [ويقال: ساباط كسرى: موضع معروف بالمدائن قيل سمي به لأن ساباط بن باطا كان ينزله. معجم البلدان (٣/ ١٦٦)] وانتهب متاعه. وبلغ ذلك معاوية فأشاعه، وجعل أصحاب الحسن يتسللون إلى معاوية الوجوه وأهل البيوتات، فكتب عبدالله بن العباس إلى الحسن بذلك، فخطب الناس ووبخهم وقال: (خالفتم أبي حتى حَكَّم وهو كاره، ثم دعاكم إلى قتال أهل الشام فأبيتم حتى صار إلى كرامة الله، ثم بايعتموني على أن تسالموا من سالمني وتحاربوا من حاربني، وقد أتاني أن أهل الشرف منكم قد أتوا معاوية وبايعوه، فحسبي منكم لا تغروني من ديني ونفسي).

وقال المدايني: (خطب الحسن حتى بلغ إلى قوله: فقال الناس: ما قال هذا القول إلا وهو خالع نفسه ومسلِّم الأمر إلى معاوية فثاروا به فقطعوا كلامه وانتهبوا متاعه، وانتزعوا مطرفاً [المطرف بكسر الميم وفتحها وضمها الثوب الذي في طرفيه عَلَمان. النهاية (٣/ ١٢١)] كان عليه، واخذوا جارية كانت معه، واختلف الناس فصارت طائفة معه وأكثرهم عليه فقال: اللهم أنت المستعان، وأمر بالرحيل فارتحل الناس، وأتاه رجل بفرس فركبه، وأطاف به بعض أصحابه فمنعوا الناس عنه، وساروا فقدمه سنان بن الجراح الأسدي إلى مظلم ساباط، فأقام به، فلما دنا منه تقدم إليه يكلمه، وطعنه في فخذه =