كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[أسباب صلح الحسن (ع) ومعاوية، وما حدث بعده]

صفحة 183 - الجزء 4

  وما لو شرحنا لطال به الشرح، وهو بحمد الله لأهل العلم معلوم.

  وإذا كان هذا حال القوم مع علي #؛ فكيف يستعظم صنيعهم مع الحسن بن علي @؟ فلو طمع الحسن بن علي @ بثبات القوم وإن هلك تسعة أعشارهم وبقي عشرهم لما فارق رايته، فهو من قوم نفت عنهم شهادة محمد ÷ الجبن والبخل والغدر، ولكن أحس بعجز القوم وفشلهم، فرأى المسالمة أصلح ليبقى بعض الهيبة على الإسلام.

  وقد صح غرضه ما زال معاوية هائباً، وأكثر ظاهر الإسلام سالماً إلى أن توفي الحسن بن علي @، وكشف معاوية قناع الحياء، وقمص قموص العَيْر النعر، كما قال ابن عباس |:

  أَصْبَحَ اليومَ ابنُ هندٍ شامتاً ... ظَاهِرَ النَّخْوَةِ أَنْ مَاتَ الحسنْ

  رَحْمَةُ اللهِ عليه إنَّهُ ... طَالَمَا أَشْجَى ابنَ هِنْدٍ وَأَرَنْ

  ولقدْ كَانَ عَلَيه عُمْرَهُ ... مِثْلُ رَضْوَى وثَبِيرٍ وَحَضَنْ

  فَارْتَعِ اليَوْمَ ابنَ هندٍ آمناً ... إِنَّمَا يَقْمِصُ بِالعِيْرِ السِّمَنْ

  واتَّقِ اللهَ وأَظْهِرْ تَوْبَةً ... إنَّما كان كَشِيءٍ لَمْ يَكُنْ

  وأما ما ذكر من أن المشهور الذي لا يدفعه دافع، ولا ينكره منكر؛ أن الحسن بن علي # أمر أصحابه بمبايعة معاوية؛ فليت شعري في أي وجوه هذا الأمر تصور الحجة، ومن المعلوم الذي لا نزاع فيه أن الله سبحانه أجاز النطق بكلمة الكفر عند الإلجاء إلى ذلك.

  فإن قال: لا ملجئ؛ فالمعلوم خلافه، جنود قد أقبلت تتلوها جنود، تكاد تميز من الغيظ من الأوتار والحقود، وهذا مع بذل الرغائب لمن ساعدهم، وبادر إلى بيعتهم، وطلب الوقائع والغوائل لمن مال عنهم، فأي شر أعظم من هذا؟ وجاءت جنود منظومة إلى جنود منثورة لتفرق الأهواء.