كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[أسباب صلح الحسن (ع) ومعاوية، وما حدث بعده]

صفحة 184 - الجزء 4

  منهم من قد تعمق في الدين حتى مرق وهم الخوارج، ومنهم من قد طلب دون أهل بيت نبيهم للولائج، وباعوهم بالنقود والسفاتج، وهو عندنا معصوم - أعني الحسن بن علي @ - فهو غير متهم.

  وأما قوله: قل: إن أصحابه تفرقوا حتى بقي وحده، ولا دافع عنه ولا مانع، فلم تكن تلجيه الضرورة إلى هذا؛ فكلام من يستغني بجهله عن مناظرته، وأي ضرورة أعظم من أن لا يبقى معه دافع ولا مانع، وعدوه بإزائه خالي البال، منتظم الحال، في يده أزمة الخيل والرجال.

  وأما قوله: بل لو لزم وأكره، وضيق عليه حتى يبايع؛ لكان لذلك وجه.

  فالكلام عليه: أن نظره # في هذا الحال أثقب من نظر الفقيه؛ لأنه # لو أمسك حتى يأخذه القوم أسراً، أو يأطروه قسراً؛ لما أعطوه في عامة المسلمين، ولا في خاصة أصحاب أبيه أمير المؤمنين # ما أعطوه في حالة التمكن؛ لأنه توثق لأصحابه أشد التوثق، وأن لا يطلب أحد منهم بثأر ولا حق، فقال معاوية: إلا رجل واحد؛ فرد الحسن #: ولا رجل واحد.

  فقال قيس بن سعد |: أنا ذلك الرجل؛ فلما دخل معاوية الكوفة ودخل عليه قيس بن سعد | وكان طويل العنق فقال معاوية: أعزز علي يا قيس أن يصطلح الحيان وعليك هذا العنق؛ فقال: وأعزز علي أن تنادي على منبر الكوفة يا أمير المؤمنين.

  فلسنا نشك أن رأي الحسن أصوب من رأيك أيها الفقيه فيما تراه العيون، فضلاً أن يسلم وأن لم يعلم وجهه للمعصومين، وما زال جانب الناس منيعاً إلى موت الحسن # كما قال بعض أهل ذلك العصر، وقد سئل متى ذل الناس؟ فقال: يوم مات الحسن بن علي، وقتل حجر بن عدي.

  وأما قوله: كان معاوية يرضى بانصراف الحسن بن علي # فلا شك في ذلك، ولكن من يستوصي بشيعة أبيه من أهل الكوفة، فلم يكن مراد معاوية إلا