كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مقارنة صلح الحسن (ع) بتوقف علي (ع) حين تفرق الناس عنه]

صفحة 185 - الجزء 4

  التخلية بينه وبينهم، ليبلغ فيهم مراده، فحال الحسن # بينه وبين ذلك، وهو الذي بقي في يده، ويدخل تحت إمكانه، لم يكن ليسعه تركه؛ إذ قد ترك ما تعذر عليه فعله من إقامة الحرب على ساق.

  وأما ثناء رسول الله ÷ وتصويبه فهو أهل الثناء، ومحل الإصابة؛ إذ هو معصوم من الزلل، مطهر من الأدناس، كما في حديث الكساء وغيره، ولولا ثباته وصبره حتى توثق للمؤمنين؛ لكان الدين يهدم من قواعده.

  وكيف يكون ذلك لولا ذلك، وتولى الأمر رؤساء الأحزاب، ونبذة الكتاب، وجفاة الأعراب؛ كمعاوية، وعمرو بن العاص، وعيينة بن حصن، وأبي الأعور السلمي، والحصين بن نمير، وبسر بن ارطأة، والضحاك بن قيس الفهري، ومن لم يعرف له في الدين قدم راسخة.

  فلذلك أثنى عليه رسول الله ÷ لصرفه عادية هؤلاء عن الدين وأهله برهة من الدهر.

[مقارنة صلح الحسن (ع) بتوقُّف علي (ع) حين تفرَّق الناس عنه]

  [المنصور بالله] وأما علي # فلا شك أنه قاتل لما صادف على القتال إخواناً صادقين، أهل بصائر وعزائم قوية، فقتلوا في الجمل، نزيد للفقيه على العشرة الآلاف عشرين ألفاً، الجملة ثلاثون ألفاً قتلى الجمل، وفي صفين سبعون ألفاً كما ذكره الفقيه، من أصحاب معاوية خمسة وأربعون، ومن أصحاب علي خمسة وعشرون.

  فلما خذل علياً أصحابه، لما ظهرت مكيدة ابن النابغة برفع المصاحف، لم يتمكن علي # من القتال، بعد أن حض أصحابه عليه وقال: قاتلوا القوم، وتموا على بصائركم، فليسوا بأهل دين ولا أهل قرآن، وإنما رفعوا المصاحف فراراً من السيف، والله لقد خبرتهم أطفالاً ورجالاً، فهم شر أطفال وشر رجال، والله لقد قاتلت مع رسول الله ÷ وأنا أقول: صدق الله ورسوله، ومعاوية