[مقارنة صلح الحسن (ع) بتوقف علي (ع) حين تفرق الناس عنه]
  وأبو سفيان يقولان: كذب الله ورسوله، فلم يلتفتوا إلى كلامه، وشاتمهم الأشتر وجرى ما هو معلوم.
  فوقف علي # عن القتال لما وقع الغدر، ولم يتمكن من نفاذ الأمر، والحسن # ما أمسك إلا لما تعذر عليه الفعل، وقد أمسك هارون # وبنو إسرائيل عاكفون على العجل؛ فكذلك إمساك الحسن # والناس عاكفون على معاوية، فما نقص ذلك بهارون ~ ولا فت في عضد إيمان الحسن #.
  وأما تصويب الفعلين من الحسن وعلي @ - فكلاهما صواب.
  وأما قوله [أي الفقيه]: وهما متناقضان - فهذا أشبه بقول اليهود أخزاهم الله في الشرائع: إن نسخها تناقض، والتناقض في دين الله لا يجوز.
  قلنا: إنه لا يكون تناقض مع تغاير الأشخاص والأحوال والأوقات، وجواز اختلاف المصالح، فكيف جعل الفقيه شخص علي والحسن @ واحداً، وكذلك الوقتين كيف يكونان وقتاً لهما واحداً.
  وقد علم أهل العلم أن لكل وقت تكليفاً، وأن وقت الإمكان يخالف حكمه حكم وقت الاضطرار، وقد يختلف ذلك في فعل الشخص الواحد؛ فإنه يتعبد في وقت بخلاف ما يتعبد به في وقت آخر.
  ولهذا فإنا نقول: الحق لعلي # في جميع الأحوال بعد وفاة النبي ÷، وقد صوب الإمساك عن القتال لعدم الأعوان، ومخافة تقوي الكفر والردة على الإسلام، فرضي أن تقوم قناة الدين وتستمر مسائله، وإن وقع الخلل في مسألة الإمامة التي تختص به، حتى يستمر ظاهر الإسلام وتجري أحكامه، والخلل في مسألة من مسائله أهون من انهدام قواعده، وزوال جرثومته.
  وكذلك نظر الحسن بن علي # أن أمور معاوية قد ظهرت، وقد ظهر بسر بن ارطأة باليمن فجاسه بالسيف، وقتل شيعة علي # إلا الشريد، وذبح ولدي عبيدالله بن العباس طفلين صغيرين، ابتزهما من أمهما، وقد لحقه جويرية العبدي