[مقارنة صلح الحسن (ع) بتوقف علي (ع) حين تفرق الناس عنه]
  | ففاته، وكذلك يزيد بن هجرة الرهاوي قد غلب على الموسم، ومنع قثم بن العباس عن التصرف، والضحاك بن قيس قد أخذ الأنبار وقتل الأشرس بن حسان، ومصر قد كان فيها ما كان.
  هذا كله في آخر أيام علي #؛ ثم زاد الأمر بعد وفاته # وهناً، والإسلام ضعفاً، وقريش كلها إلا القليل المستثنى مطبقون على عداوة علي #، منصبون على حربه وكيده، كما قال لما كتب إليه أخوه عقيل | كتاباً زبدته: إني لقيت بقديد أربعين راكباً من قريش مصدرين ركابهم من قديد، فأسمعوني وأسمعتهم فقلت: إلى أين يا أبناء الطلقاء، أبمعاوية تلحقون عداوة لله ولرسوله؟
  وسمعتهم يذكرون أن الضحاك بن قيس أغار إلى الحيرة، فأخذ من أموالها ما شاء، ثم انكفأ راجعاً، فتباً لدهر تجرّأ عليك فيه الضحاك بن قيس، وما الضحاك والله إلا فقع بقرقر، فظننت ذلك لما خذلك أصحابك، وتفرق عنك أنصارك، فإن كنت تريد الموت تحملت إليك بولد أبيك، وبني أخيك؛ فعشنا إن عشت، ومتنا إن مت، فوالله ما العيش بعدك بهني ولا مري، والسلام.
  فأجابه علي #: (أما بعد، كلأَك الله كلاية من يخشاه بالغيب، إنه حميد مجيد؛ فقد جاءني كتابك تذكر أن جماعة من قريش لقوك مصدرين ركابهم من قديد، فأسمعوك وأسمعتهم، فدع قريشاً وتجوالهم في الضلال، وتردادهم في الشقاق، فإن قريشاً قد اجتمعت على عداوة أخيك اليوم كاجتماعها على عداوة رسول الله ÷ قبل اليوم(١)، ولا تحسب أخاك متخشعاً ولا متخضعاً، بل هو كما قال
(١) قال ¥ في التعليق: وروى عوانة قال حدثني يزيد بن جرير عن الشعبي عن شقيق بن مسلمة: أن علي بن أبي طالب لما انصرف إلى رحله يعني بعد بيعة عثمان قال لبني أبيه: (يا بني عبد المطلب إن قومكم عادوكم بعد وفاة النبي ÷ كعداوتهم النبي ÷ في حياته، وإن نطع قومكم لا تُأمروا أبداً، ووالله لا ينيب هؤلاء إلى الحق إلا بالسيف قال: وعبدالله بن عمر بن الخطاب داخل إليهم قد سمع الكلام كله، فدخل وقال: يا أبا الحسن أتريد أن تضرب بعضهم ببعض. فقال: اسكت ويحك، فوالله لولا أبوك وما ركب مني قديماً وحديثاً ما نازعني عثمان بن عفان، ولا ابن عوف، فقام عبدالله =