[نقل فقيه الخارقة لكلام القرشي في حصر الإمامة في البطنين، ورده عليه]
  كلفة النظر - فمثل ما تقدم من جهالاته؛ لأن صحة الإجماع وإن كانت مستفادة من النص فليس من حق النص ما ذكر فكيف بما يستفاد منه إذ النصوص تنقسم إلى قسمين: فمنها الجلي، ومنها ما يعرف به المراد بظاهره، وهو ينقسم إلى مجمل ومبين. ومنه الخفي: وهو ما يحتاج إلى نظر واستخراج للمعنى منه، فكيف تجاسر على هذا الإطلاق، لولا قلة الورع، أو قلة التحصيل والجهل بمسائل الأصول.
  ولولا خشية الإكثار، والمعرفة بأن مورد الرسالة غير جدير بالإيراد والإصدار؛ لظهور الأمارات الكثيرة من كلامه أنه يحب الإكثار وإن لم يكن تحته معرفة واستبصار، لحكينا مثال كل واحد من هذه الأقسام مما يشفي الأوام(١)، لكن رأينا أنه لا يصلح في هذا المقام، فليراجع النظر فيما أورده والقصد الذي نحاه وقصده.
  وما ذكره من المثال بليلة القدر، والمسألة الفقهية في الطلاق فكلام منفصل عما ذكره الإمام #، ولعله بناه على ما ظنه من إجماع الأمة على ثبوت الإمامة في النسب الشريف، وقد بينا له أن الإجماع وقع على الجواز دون الثبوت، وأن الثبوت فيهم $ والتعيين لهم دون غيرهم كان بعد إبطال ثبوتها في سواهم، فلا يبقى إلا هم؛ حياطة للإجماع من أن تقول الأمة بأسرها أقوالاً فاسدة، وذلك يمنع من الثقة بها فيما يعتقده ويقوله.
  فلو سلك الشافعي | في ذلك المثال مسلكنا في الاستدلال لتعين الحق فيما قاله من أن ليلة القدر في العشر الأواخر، هذا لو كان علينا تكليف في وجوب معرفتها على التعيين؛ كما يجب ذلك في مسألة الإمامة، فإذا كان طلبها لتحصيل الثواب المندوب إلى تحصيله نفعاً مجرداً فتحصيل النفع لا يجب بمجرده فكيف يجب شيء لأجله.
(١) الأوام كغراب: العطش أو حره، والدخان، ودوار الرأس، والوتر، وأن يضج العطشان. تمت (قاموس).