كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[نقل فقيه الخارقة لكلام القرشي في حصر الإمامة في البطنين، ورده عليه]

صفحة 221 - الجزء 4

  ولهذا لما تقرر عند الشافعي | أن كون ليلة القدر في العشر الأواخر عنده من باب المظنون لم يحكم بطلاق المرأة التي ذكرها في المثال إلا بعد العلم اليقين، وكان لا يحصل إلا في المدة التي ذكرها من حول الحول من يوم وقع الحلف؛ لأنه يكون آخذاً بالإجماع أيضاً، فليتدبر ما صدر فقد خاب من مان⁣(⁣١) وكفر.

  فأقول [أي: الفقيه] وبالله التوفيق: لقد موه هذا الرجل تمويهاً ظن أنه يخفى على مورد الجواب، وأوهم الجهال والعوام من شيعته أن خصمه في هذا لم يفرق بين الخطأ والصواب، ولبّس بأنه قد أورد الدليل على ما يقوله ولا دليل، وصار يمني نفسه - مع كونه ضاحياً في قاع قرقر بحر الشمس - أنه في ظل ظليل، وسأميز إن شاء الله تعالى بين صحيح قوله والعليل، وأبين افتضاحه وبطلان قوله عما قليل، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وهو حسبي ونعم الوكيل.

  أما ما ذكر من أن خصمه بنى سؤاله على أصلين فاسدين: أحدهما: أنه توهم أن الإمام قال: إن الأمة أجمعت على كونها فيهم، وثبوتها لهم دون غيرهم، ولم يقل ذلك، وإنما قال: أجمعت الأمة على جوازها فيهم - فأول ما في هذا أنه قال: بنى سؤاله، ولم يقل جوابه، وهذا يدل على أنه لا يفرق بين السؤال والجواب.

  وأما ما ذكر من التوهم فقول باطل، فكيف أتوهم ذلك وقد قال إمامه في رسالته: من أجازها في ولد الحسن والحسين أخذ بالإجماع، فكيف أتوهم مع هذا أنه أراد ثبوتها فيهم، ولكنه قد ضاق ذرعه في هذا المجال فلم يجد إلا التلبيس والمحال.

  وأما الغلط الثاني الذي زعم فهو قوله: إن خصمه توهم أن الإمام # اقتصر على قوله: والإجماع حجة وهو يعني على الجواز كما قدمنا، وليس كذلك بل قال # ولا دليل على خلافه والمراد أنه لا دليل يدل على جوازها في غيرهم


(١) مان يمين: كذب؛ تمت قاموس.