كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث في الكسب]

صفحة 237 - الجزء 4

  والوجه الثاني: أنه قال في الخلقية لا قدرة له عليها والأخرى بخلافها، وهذا مما قد تكرر فيه البحث ما معنى له قدرة عليها؟ أهل هو قادر على إحداثها وخلقها؟ أو على اكتسابها أو على أمر سوى ذلك؟

  فما ظهر منه جواب سوى حكاية أقوال متناقضة في المسألة على ما جمعنا له ما فرقه في ذلك في مواضع من رسالتنا هذه.

  ثم قال: وأما قوله [أي: القرشي]: ليت شعري على مذهبه ومذهب أصحابه من المجبرة القدرية، ما الفرق بين الكسبية، والخلقية، والمكسوب منها فالله خالقه عندهم إذ لا فعل عندهم للعبد - فقد⁣(⁣١) بينا في غير موضع من هذه الرسالة مَنْ المجبرة القدرية، وأنا لا نقول بقولهم ولا نعتقد اعتقادهم، وأنه يلزمه ذلك وفرقته.

  فالجواب [المنصور بالله]: أنا قد تكلمنا على ما أورده، وأنه القدري حقاً، واستدللنا على ذلك في أول كتابنا بالأخبار من النبي ÷ وغير ذلك.

[بحث في الكسب]

  ثم قال: وأما قوله [أي: القرشي]: وإن أراد أن الأولى لم يكتسبها الإمام ولا فعلها، وهو المراد بالخلقية، وأن الأخرى وإن كان الله خالقها لكنه اكتسبها، أعدنا له ما تقدم من ذكر الكسب، هل هو الخلق أو أمر زائد؟ فإن كان هو الخلق فالعبد خالق لأنه عنده مكتسب، والله تعالى مكتسب لأنه الخالق عنده - فأقول [أي: الفقيه]: قد بينا معنى الكسب، وأنه ليس من الخلق في شيء، وأنه صفة معلومة وحال مفهومة، وذلك أن كل عاقل يفرق بين حركته على وجه الاختيار، وحركته على وجه الاضطرار، فحركات الماشي المتصرف في حاجته بخلاف حركات المسحوب والمفلوج، وهذا معلوم ضرورة، وإليه يعود معنى الكسب.


(١) بداية كلام الفقيه.