[بحث في الكسب]
  فإذا خلق الله تعالى الحركة للعبد وحدها كانت حركة اضطرار، وإن خلق الحركة وخلق له أيضاً قدرة على الحركة، وإرادة لها؛ حصل له صفات الاكتساب، وصار حال وجود الحركة والقدرة معاً قادراً على الاكتساب، غير عاجز عنه، ولا مضطر إليه ولا مكره عليه.
  فالجواب [المنصور بالله]: أن قوله: والكسب صفة معلومة وحال مفهومة، يقتضي أن الكسب صفة وليست بفعل إذ الصفات عند أهل الأصول تميز الذوات بعضها عن بعض، بخلاف طريقة أهل اللغة في ذلك فعلى هذا يكون قوله: معلومة ومفهومة لا يصح مطلقاً لأن العلم يتعلق بالذات على أوصافها.
  وإن أراد على طريقة أهل اللغة في تسمية الأعراض صفات - فالجواب: أن ما فرق به بين حركة المفلوج والمسحوب، وحركة المتصرف في حاجته، يقتضي أن العبد فاعل لحركته التي هي تصرفه في حاجته، فإن كان يريد ذلك كان رجوعاً إلى الحق الذي أنكره من أن العبد محدث لتصرفه، وإن كان يريد كسباً غير الفعلية والحدوث من جهته لم يعقل إلا أن يدل عليه دليل مستأنف.
  وأما قوله [أي: الفقيه]: فإذا خلق الله تعالى الحركة للعبد وحدها كانت حركة اضطرارية، وإن خلق الحركة وخلق له أيضاً قدرة على الحركة وإرادة لها حصل له صفة الاكتساب.
  فالجواب [المنصور بالله]: أن هاهنا مغالطة وجهلاً ومطالبة؛ أما المغالطة فإنا سألناه عن معنى الكسب فأجابنا أن العبد يسمى مكتسباً لأحد الفعلين الذين خلقهما الله تعالى، ولم نسأله عن تسمية الفعل كسباً.
  وأما الجهل فهو تعليق الحركة بنفسها وهو في قوله: وصار حال وجود الحركة والقدرة معاً قادراً على الاكتساب غير عاجز عنه؛ فإنه يقال له: كيف يكون عند وجود الحركة قادراً على اكتساب الحركة؛ فإن الحركة متى وجدت فليس بقادر على كسبها، لأنه لا يكسب ما قد وجد إلا أن يثبت الكسب صفة تتجدد في حال