كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه مخالفة أبي حنيفة ومالك والشافعي للمعتزلة - والرد عليها]

صفحة 285 - الجزء 4

[دعوى الفقيه مخالفة أبي حنيفة ومالك والشافعي للمعتزلة - والرد عليها]

  وأما قوله [أي الفقيه]: على أن أبا حنيفة كان مخالفاً للمعتزلة في جميع أصولهم، ولهذا كانوا يسمونه مرجياً؛ لأن المعتزلة يلقبون كل من خالفهم مرجياً.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن قوله: كان أبو حنيفة مخالفاً للمعتزلة في جميع أصولهم لا جواب فيه؛ لما ذكرنا من اعتقاده لإمامة آبائنا $ ولسنا معتزلة بحمد الله؛ بل المعتزلة توافقنا أو أكثرها في مسائل الأصول أو في أكثرها، وتخالفنا في مسائل الإمامة، التي وافقوا فيها الفقيه وأهل مذهبه.

  وأما قوله [أي الفقيه]: إن أبا حنيفة كان مخالفاً للمعتزلة في جميع أصولهم.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن هذا الإطلاق باطل؛ لأن من أصولهم إثبات صانع للعالم مختار غير موجب، عالم، قادر، حي، سميع، بصير، قديم، وهذه الصفات لا يحتاج في ثبوتها له إلى غيره، وأنه عدل حكيم، لا يفعل القبائح ولا يريدها ولا يرضاها.

  فعندك أن أبا حنيفة مخالف لهم في هذه الأصول؟ فليس بمسلم، أو ليس بمخالف فيها، وهي أصول مذهبهم، فكيف قلت هو مخالف لهم في جميع أصولهم؟ لولا الاسترسال بالكذب.

  وقولك [أي الفقيه]: يسمونه مرجياً؛ لأن المعتزلة يلقبون كل من خالفهم مرجياً.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن هذا مثل الأول، في أنه جهل بالحكاية عن أهل المذاهب أو كذب عليهم؛ لأن المعتزلة يسمون كل مخالف لهم بما هو عليه من اسمه مجبري، وقدري، ورافضي، وخارجي، ومرجي، وكان أبو حنيفة ينسب إليه شيء من الإرجاء؛ لأن المرجئ من يقف في وعيد الفساق من أهل القبلة، أو يحكم بخروجهم من النار.

  فإن كان أبو حنيفة يقول بهذه المسألة فهو مرجئ، ولا نعتقد أنه غير موحد، ولا عدلي، إلا أن يظهر ذلك منه أو من غيره حمل كل على ما اختار.

  وأما قولك [أي الفقيه]: وكذا مالك والشافعي –رحمة الله عليهما - كانا مخالفين