كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام سيئ من الفقيه ورد مفحم من الإمام (ع)]

صفحة 287 - الجزء 4

  علياً في صفين قتل المدبر، وأجهز على الجريح؛ بل المشهور عنه الذي لا يدفع ولا ينكره أحد من أهل العلم أن سيرته # في صفين والجمل سواء، وأنه فيهما لم يقتل المدبر ولم يجهز على الجريح.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن هذا الكلام مما يعرف فيه حيلة الحُوَّل ما لم يكن له مثل جلدة وجه الفقيه؛ لأنه ما روى له من هو أولى بالصدق منه والتصديق قال: هذا كذب محض، وهذا دليل على أنه لا حرمة لعرضه ولا شرف لنفسه؛ لأنه لم يخف الله تعالى في خلاف سبيل المؤمنين على اختلافهم؛ لأنه ما علم من أحد منهم هذه الطريقة، ولا تأدب بأدب أهل الأدب في تقدير أهل الأقدار ممن لا يسقط قدرهم وحقهم جحدانه لذلك، ولا كفرانه، ولا سوء أدبه ولا طغيانه.

  بل يقدرهم وليهم طاعةَ لله وعدوهم حياء من الناس، كما حكي عن معاوية أنه كان يفعل مع أهل البيت $ وقد عظمتهم بنو أمية، وبنو العباس، وما أطلق أحد لفظة التكذيب عليهم مخافة أن يمقته الناس، فمن لم يخف المقت فيما يوجب المقت، فقد خرج من حد الإنسانية.

  وهذه ممالك بني العباس على تقادم مدتها، وسعة سطوتها، وقوة أنصارها، ما جرى لهم على أحد من أهل هذا البيت حكم في دار هجرتهم التي هي بغداد فما سواها من الأمصار إلى يومنا هذا على حسني ولا حسيني؛ بل لا بد في كل مملكة من نقيب حسني أو حسيني، يجري الأحكام على من تعدى من ولد الحسن والحسين $ يشكو إليه العباسي فَمَنْ دونه فيما يجب في مثله الشكوى فيكون الإنصاف منه؛ إجلالاً لأهل هذا البيت وتعظيماً لأمرهم، وإن غلبوا على الملك فلن يجهلوا الحق.

  قل: تكذب، ما لما ذكرت حقيقة، على جاري عادتك، فهذا أقطع الأجوبة عندك، ولهذا بَدَرْت إلى الجواب دون العلماء؛ لأنهم كانوا يحتاجون إلى النظر في كسر أركان الأدلة، والتتبع لمتون الأخبار بعد اعتبار طرقها وشروطها