كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الجواب على ادعاء الفقيه ظهور المنكرات في بلد الإمام #]

صفحة 302 - الجزء 4

  وجاهدنا الظالمين، وكدرنا نعم المفسدين في رب العالمين، من قبل طرأ الشارب إلى هذا الأوان، وهذا جواب سطرناه بعزيمة قوية، ونية سوية، لم نخش أن يتعقبه من وقف عليه من صالحي أهل بلادنا بالإنكار، أو يعتريه فيه الشك.

  وأما ما ذكر من أنه وجد الظلم في بلادنا فاشياً؛ فكان ينبغي أن يعين الذي وجد، ليجاب على أمر معين، ولكن جوابه جملة عن جملة: أن الظلم بعد ظهور هذه الدولة النبوية انقطع رسمه، وزال حكمه، وصار لا يعرف ولا ينتصب للعرفان به أربابه، حرجت النفوس التي لا ينحصر لنا عددها إلا أنها ما بين ميسر من الرق إلى الحرية، واستوفى المظلوم الضعيف حقه من الظالم العاتي، وأمنت القفار والخبوت، وعمرت الأوطان الدامرة، وأحييت الأرضون الميتة:

  وأضْحَى الفتى كالشيخِ لَيْسَ بِطَالِبٍ ... سِوَى الحقِّ شيئاً واستراحَ الْعَوَاذِلُ

  وبلدان كانت المعاصي فيها ظاهرة متواترة من أمة بعد أمة، يتواصون بالدفاع عنها، كشظب⁣(⁣١) وغيره، زالت عنها المنكرات الظاهرة، وارتفعت الفاحشات المتظاهرة، وهذه الأرض التي استقر فيها الأمر لا نعلم فيها معصية ظاهرة لله تعالى؛ فأما في السر فلم تعتصم من ذلك هجرة النبي ÷ في حياته.

  وإن أراد بالظلم ما يؤخذ من أهل البلاد من الحقوق - فلم يؤخذ منهم إلا ما يدفع به عنهم أيدي الظالمين، الذين لو تمكنوا منهم لأهلكوهم، كما أهلكوا غيرهم ممن قدروا عليه حتى بقيت هذه البلاد الإمامية نجعة لضعفاء بلاد الظالمين، ولولا هي بلطف الله لتلفوا ضياعاً، يعلم ذلك مَنْ شَاهَدَ الحال وأنصف في السؤال.


(١) شظب: بلد قرب السودة إليه تنسب سودة شظب، وكانت هجرة شظب من مدارس العلم في اليمن. تمت (مجموع بلدان اليمن). وقد ذكر الإمام # في شرح الرسالة الناصحة بعض ما كان في شظب من هذه المنكرات في كلامه عن رجل لم يصرح باسمه فقال:

سَمِعْتُهُ يقولُ يوماً في شَظَبْ ... بأنَّهُ يُضْحِي نَبِيَاً إنْ أحبْ