[ذمه لمن أطبق على تصحيح إمامة المنصور بالله (ع) والجواب عليه مع بيان فضلهم]
[ذمه لمن أطبق على تصحيح إمامة المنصور بالله (ع) والجواب عليه مع بيان فضلهم]
  وأما قوله: مع إطباق جماعة من متفقهته على تصحيح إمامته - فذلك حق، وهم معروفون بالورع من بين الفرق، لا يُصَلُّون على راكب كبيرة ولا تارك فريضة، كما يفعله غيرهم من المنتسبين إلى الدين، ولا يصلون خلف أحد منهم أعني أهل الكبائر، وهذا مذهبهم، ولا يعتقدون إمامة من لم تكمل فيه خصال الإمامة، بخلاف سواهم ممن يشهد لإمامه بالزور - وهو معتكف على الفجور - بالصوّام القوّام، ولعله في تلك الحال لا يفرق بين القعود والقيام من السكر.
  ولا يعتقدون إمامة من يدعي الإمامة، حتى يَخْبُرُوه في كل خصلة من خصال الإمامة؛ فمتى صحت لهم بايعوه، وماتوا دونه، مضى على ذلك أولهم وتبع آخرهم، فهم سيوف الحق وأنصار أئمة الهدى، لا يقبلون في دين الله الرشا، ولا يبيعون الدين بالدنيا، ورعهم ظاهر، وعلمهم باهر؛ فلولا علمهم بصحة دعواه لما أطبقوا على إمامته.
  وقد كان ينبغي لك لو نظرت بعين البصيرة أن تجعل إطباقهم دلالة صحة ما أطبقوا عليه؛ لأن هذه الفرقة من بين الفرق لا يُعلم أنهم يساكنون أهل المعاصي، ولا يصافونهم، ولا يعاشرونهم، بل يتنزهون عنهم، ويتحرجون من موالاتهم، واعتقادهم وتقويتهم لإمامة إمامهم حفظاً لحرمة الإسلام، وحماية لحوزته، لا انتهاكاً لحرمته؛ فجعل الفقيه الطاعة معصية، واتباع الهداة جرماً.
  وأما قوله: وإخلالاً بسيرة الصالحين - فما سيرة الصالحين إلا ما هذا سبيله من الدفاع عن حوزة الإسلام، وإذهاب الجرم، ونفي أهل الإجرام.
  وأما قوله: وتبديلاً للدين الذي كان في زمن الصحابة والتابعين - فلا نعلم اليوم تحت أديم السماء راية يشبه من تحتها أصحاب محمد ÷ إلا رايتنا، فلا تظهر في أهلها المنكرات، ولا تشرب المسكرات، ولا تفشو الظلامات، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.