[جواب الإمام # على كلام الفقيه في ثبوت المدح للصحابة ووجوب بقائهم عليه]
  فإن الله تعالى يعلم المعلومات على ما هي عليه من حسن وقبيح، وخير وشر، وكل وجه يقع عليه، لكن ليس في هذا فرج، ولا يقع به تمييز لبعض من أخبر باستحقاقه الجنة أو النار من البعض الآخر؛ لأن الجميع معلوم لله تعالى على كل حال، فبقي الإلزام في الإغراء بفعل القبائح وترك الواجبات فيمن أعلمه الله تعالى أنه من أهل الجنة أو النار لا محالة ممن ليس بمعصوم، فلذلك قلنا: إنه يكون مفسدة.
  وأما قوله: إنما هو رد على الله ورسوله.
  فالجواب: أنه ليس برد؛ لأن الله تعالى يعلم الشيء على ما هو عليه، ويعلم أنه يكون أمر إن حدث أمر آخر، ثم هو تعالى يعلم هل ذلك الأمر يحدث أم لا.
  وأما إكثاره من الجمع بين الله تعالى وبين النبي ÷ في ضمير واحد فهو لجهله، وقلة تعظيمه لله سبحانه، أَنْ جمع بين الخالق والمخلوق، وهي طريقة قد استمر عليها في كثير من كلامه وهي خلاف الدين.
  وكذلك ما زعم أنه يفرق بين الشخص المعلوم وبين العموم في باب الوعيد، فإنه أتى بمثل ما تقدم، والكلام عليه بمثل ما قدمنا، وأنه لا فرق بين المعين والموصوف بالصفة في أن الكل الله تعالى عالم به، وبحاله، وعاقبة أمره.
  وقد بينا أن غرضه يفتقر فيه إلى بيان بقاء المبشرين بالجنة على الحالة التي كانوا عليها حال البشارة، ما غيروا ولا خالفوا ولا عصوا، وأنهم ماتوا باقين على ذلك الاستحقاق، وهيهات أن يتأتى له ذلك إلا فيمن ثبتت عصمته.
  وأما قوله [أي الفقيه]: فقد ورد الوعيد واستحقاق النار على كل حال في أبي لهب.
  فالجواب [المنصور بالله]: أن هذا حق لما ثبت من أنه بقي على الحال التي استحق عليها العقاب بالنار، وذلك معلوم من الدين.
  فإن قال: هو يعلم ذلك من حال سائر المبشرين بالجنة فقد كذب وافترى؛ إذ لا طريق له يعلم به من دين النبي ÷ أنهم يموتون على الحالة التي