كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تفنيد القرشي | دعوى الفقيه إمامة أبي بكر في رسالته الأولى]

صفحة 316 - الجزء 4

  التي إن لم تحبط بما فعله مع أمير المؤمنين # وما يتبع ذلك، كان حقيقاً بذلك وأهلاً له - فذلك مثل ما ذكرنا لا ننكره ولا ندفعه ولا نمنع منه، ولنا في مثله سماعات، وإنما الأعمال بالخواتم والنيات.

  وأما ما ذكره من الدلالة على إمامة أبي بكر بقوله تعالى: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}⁣[الفتح: ١٦]، وقال: إنها نزلت في أعراب حول المدينة تخلفوا عن رسول الله ÷ في غزوة الحديبية قال: فاختلف أهل التفسير فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم أهل اليمامة وقد دعاهم إليهم أبو بكر. والثاني: أنهم الروم وقد دعاهم إليهم أبو بكر وعمر. والثالث: أنهم فارس وقد دعاهم عمر، وهو الذي استخلف عمر - فالكلام عليه [أي: الفقيه] في ذلك من وجوه:

  منها: ما ذكره أن الآية نزلت في الذين تخلفوا عن الحديبية بشهادة أهل النقل والتفسير، وكان بعد ذلك غزوات كثيرة؛ فمن أين له أنه ليس المراد بها تلك الغزوات، والداعي ليس هو النبي ÷(⁣١).


(١) قال ¥ في التعليق: وأما قوله تعالى {لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا}⁣[التوبة: ٨٣]، فانها هي فيمن تخلف عن غزوة تبوك وهي سنة تسع، وآية الفتح قد كانت نزلت في سنة ست، ومما يدل على ذلك أن آية الفتح وهي {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ} ... إلخ فيها من الأوصاف ما ينافي آية التوبة وهي: لن تخرجوا؛ فإنه قال تعالى: {فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا ... إلخ}⁣[الفتح: ١٦]، فحكم ووعد على طاعتهم بالأجر وتوعدهم على التولي بالعذاب. وقال تعالى في وصف المتخلفين في غزوة تبوك المرادين بقوله تعالى: {لَنْ تَخْرُجُوا ... إلخ}، {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ٨٤ وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ٨٥}⁣[التوبة]، فتبين أنه لا يمكن كون المخلفين الذين سيدعون هم المرادين بمن قال الله فيهم: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ ... إلخ}⁣[التوبة: ٨٣]، لتنافي الأحكام فيهما، فإذا تقرر هذا تعين أن الدعاء مقصور على من تخلف عن غزوة الحديبية. ثم إن في آية الدعاء وهي {سَتُدْعَوْنَ}⁣[الفتح: ١٦]، ما يمنع صحة حملها على قتال الروم وفارس لأن الله تعالى لم يجعل واسطة بين قتالهم وإسلامهم بل قال تعالى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}⁣[الفتح: ١٦]، =