كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تفنيد القرشي | دعوى الفقيه إمامة أبي بكر في رسالته الأولى]

صفحة 317 - الجزء 4

  مع ما ذكرنا من أقاويل المفسرين فيه، ذكر ابن المسيب قال: روي عن أبي روق عن الضحاك في قوله تعالى: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}⁣[الفتح: ١٦]، قال: هم ثقيف، وروى هاشم عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، وقتادة، قال: هم هوازن يوم حنين، وروى الواقدي عن معمر، عن قتادة قال: هم هوازن وثقيف؛ فمن أين لك أن الداعي غير النبي ÷؟

  ومنها: أنا لو سلمنا لك أن الداعي غير النبي ÷ فما أنكرت أن يكون ذلك دعاء أمير المؤمنين # إلى قتال أهل البغي من الناكثين والقاسطين والمارقين، على ما أمر النبي ÷ علياً بذلك وحث⁣(⁣١) عليه، دون دعاء أبي بكر؟

  فإن قلت: إنه يجب حمل الآية على أول دعاء إلى أول قتال وقع بعد رسول الله ÷ وليس ذلك إلا قتال أبي بكر.

  فجوابنا: أن ظاهر الآية لا يقتضي ما ذكرت، وإنما يقتضي وقوع هذا الدعاء في المستقبل على ضرب من التراخي؛ لأن دخول السين لا يوجب أكثر من ذلك، وليس فيها تعيين الوقت الذي يقع فيه، ولا فيها لفظ التعقيب، فإيجاب حملها على⁣(⁣٢) أول دعاء إلى القتال عقيب موت النبي ÷ لا وجه له.

  يبين ذلك: أن النبي ÷ قال: «سيلي أمر أمتي رجل وهو ضال» مشيراً إلى معاوية ومن يجري مجراه، ولا يوجب ظاهر هذا اللفظ أن أول من يلي أمر الأمة من بعده يكون ضالاً.


= فيختص بقتال العرب، ولو صح أن يراد فارس والروم لكان ثَمَّ واسطة وهو أخذ الجزية، ولم يذكر الله سبحانه واسطة في الآية.

على أن آية التوبة وهي قوله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ ..} إلخ لا تمنع من دعاء النبي ÷ لهم إذ ليس فيها إلا إخبار محض بعدم خروجهم معه وقوله تعالى: {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ٨٣}⁣[التوبة]، ليس إلا تهديداً كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}⁣[فصلت: ٤٠].

(١) حثه (نخ).

(٢) إلى (نخ).