كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر شيء مما أمره إلى الإمام وفي إجابة الداعي]

صفحة 366 - الجزء 4

  إجابته وإن لم يكن إماماً ليبطل تعلقه بظاهر الآية، فعدل الفقيه عن هذا الغرض إلى أحكام البغاة تارة، وإلى محاربة سائر الكفار متى أحاطوا بالمسلمين أخرى.

  والغرض بالكلام الأول هو فسخ احتجاجه بأن من تجب إجابته يكون إماماً لا محالة، وقد حصل من دون اعتبار حال من يحاربه، وكيف يقول ليس هذا مما نحن فيه في شيء، وهو موضع المطالبة لولا الغفلة.

  وأما خروجه إلى ذكر إحاطة الكفار بالمسلمين، وتعين الجهاد عليهم، فلا شك في ذلك، وكذلك دفعهم عن حوزة الإسلام ولو لم يحيطوا بالمسلمين، متى غلب على الظن أنهم إن لم يحاربوا ازداد شرهم وضررهم⁣(⁣١) في الإسلام.

  وعلى أن وجوب جهاد الكفار في هذه الصورة على التعيين لا يوجب سقوط وجوب إجابة الداعي إلى ذلك؛ لأن من ترك الواجب ودعاه غيره إلى فعله وجبت عليه إجابة من دعاه إليه، وإن كان وجوب الفعل عليه قد تقدم على دعاء الداعي له إلى أدائه.

  ولهذا قد يحسن بل يجب الدعاء إلى فعل ما أوجبه الله تعالى من الأفعال كالصلاة والزكاة والصوم، وترك ما نهى عنه سبحانه، ولا يكون توجه الوجوب على المكلفين مزيلاً لوجوب إجابة الداعي إلى ذلك.

  وأما قوله [أي الفقيه]: وليس هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكنه من فروض الأعيان.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن هذا جهل بحكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنهما إنما يجبان على الكفاية، متى قام بهما البعض سقطا عن الباقين، متى كان البعض كافياً في ذلك، ومتى لم يمكن النهي عن المنكر إلا بالاجتماع تعين على الجميع، وهذه سبيل ما يتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


(١) ضرهم (نخ).