[حوار حول آية {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم}]
  فإذا كان المراد بالاستخلاف هو التمكين في الدين والدنيا، وهما كانا في أيام النبي ÷ حين قمع الله أعداءه، وأعلى كلمته، ونشر رايته، وأظهر دعوته، وأكمل دينه؛ فمعاذ الله أن نقول: إن الله تعالى لم يمكن دينه لنبيه في حياته.
  وليس كل التمكين هو الفتوح والغلبة على البلدان؛ لأنه لو كان ما قالوه؛ لوجب أن يقولوا إن الله تعالى لم يمكن دينه اليوم، لعِلْمنا ببقاء ممالك الكفر.
  ومنها: أن هذا يوجب عليهم أن يكون معاوية خليفة الله، وكثير من بني أمية لأنهم افتتحوا بلاداً لم تُفتَح قبلهم، وكان تمكنهم في البلاد أكثر من تمكن النبي ÷ وتمكن أبي بكر وعمر.
  ومنها: أن ابن جريج روى عن مجاهد في قول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ}[النور: ٥٥]، قال: هم أمة محمد ÷، وروي عن ابن عباس وغيره قريب من ذلك، وقالت الشيعة إنما يكون ذلك عند قيام المهدي؟ فأي ترجيح لحملك له على أبي بكر وعمر على ما حملوه عليه(١).
  والجواب [أي: الفقيه] وبالله التوفيق: أن ما ذكره من الآيات، واستدل به على أن المعنى فيه بقاؤهم في أثر من مضى من القرون، ليس بالمناقض لما رمناه من الاستدلال
(١) قال ¥ في التعليق: وقد روى الحاكم أبو القاسم بإسناده إلى عبد الله بن مسعود قال: وقعت الخلافة من الله في القرآن لثلاثة نفر لآدم # لقول الله تعالى، {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}[البقرة: ٣٠]، يعني آدم، والخليفة الثاني داود # لقوله تعالى {يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ}[ص: ٢٦]، يعني: أرض بيت المقدس. والخليفة الثالث علي بن أبي طالب لقوله تعالى: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}[النور: ٥٥]، يعني: آدم وداود @ انتهى [شواهد التنزيل (١/ ٧٥) رقم (١١٤)].
وهذا تفسير صحابي من العظماء، ولا مساغ للاجتهاد فيه فيكون توقيفاً، نسأل الله توفيقا، والحمد لله.
وقال في البرهان: إنها نزلت الآية في رسول الله وعلي وخيار أهل بيتهما، ومن سار بسيرتهما إلى يوم القيامه لأنهم ورثة الكتاب ... إلخ. ومثل هذا ذكره محمد بن القاسم، والحسين بن القاسم @. ويؤيده ما رواه الحاكم بإسناده إلى ابن عباس قال: نزلت هذه الاية في آل محمد ÷ ... إلخ ما ذكره الشرفي في المصابيح انتهى.