[حوار حول آية {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم}]
  بالآية على خلافة الصحابة؛ لأن ذلك خلافة عامة وهذه خلافة خاصة.
  ويدل على ما قلناه: أن في الآيات التي استدل بها لم يذكر التخصيص بل أورده مورد الجمع وقال في هذه الآية: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} و (من) هاهنا للتبعيض(١) فدل على أن المراد بعضهم ولو كان المراد جميعهم لقال: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
  ولم نقل هاهنا: إن التمكين هو كثرة الفتوح والغلبة على البلدان، حتى يلزمنا ما قال، إنما تمكين الدين ظهوره واستقراره وثباته، وإذلال من عانده وخالفه، وقد كان هذا في زمن النبي ÷ فلما مات # تشعث الإسلام، وزال التمكن والإستقرار الذي كان في حياة النبي ÷ بارتداد العرب حتى لم يبق الإسلام إلا في ثلاثة مساجد: مسجد مكة، ومسجد المدينة، ومسجد في عبد القيس في حضرموت على ما ذكره نقلة الآثار والسير.
  فلما انتدب لها أبو بكر وسد من الدين ما انثلم، ورأب منه ما انصدع، ولمَّ منه ما شعث، عاد ذلك التمكين، وذلك الإستقرار والثبوت، الذي كان موجوداً في زمن النبي ÷ فزال بموته.
  ولولا قيام الصديق لما تمكن الدين، ولذهب أساس مباني الحق المبين، لا سيما مع اضطراب سائر الصحابة، وتوقفهم عن قتال مانعي الزكاة لدخول الشبهة عليهم، ولو سوّغ الصديق لمانعي الزكاة ما ذهبوا إليه لانتقض من الإسلام قواه(٢)، وعاد الناس إلى أمر الجاهلية الأولى.
(١) قال ¥ في التعليق: لو علم الفقيه أن الحشوية ومن شاركهم فسروا قوله تعالى في آخر سورة الفتح: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً ..} إلخ [الفتح: ٢٩]، بأن (من) للجنس لا للتبعيض، ليعم الوعد جميع الصحابة؛ لم يتكلم هنا بأن من للتبعيض، خلا أن هذا دلالة على عدم البناء على أساس. تمت كاتبها.
(٢) قال ¥ في التعليق: قد مر للفقيه أن العرب كانت ترضى من أبي بكر بأن يقرها على ترك الزكاة الخ. وهنا قال لو سوغ لهم لانتقض الاسلام، هذه مناقضة تأمل.