كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بطلان دليل خلافة أبي بكر بخبر الصلاة]

صفحة 390 - الجزء 4

  النبي ÷ في ناحية من البيت يبكين؛ فقال: «اعزبن عني يا صويحبات يوسف».

  فلما رجع بلال ولم يقم رسول الله ÷ تبعته عائشة بنت أبي بكر وقالت: مر أبا بكر فليصل بالناس.

  فوجد رسول الله ÷ خفة فقام يمسح وجهه، وتوضأ وخرج، وخرج معه علي والفضل بن العباس وقد أقيمت الصلاة، وتقدمهم أبو بكر ليصلي، وكان جبريل # أمره بالخروج ليصلي بهم، ونبه على ما يقع من الفتنة إن صلى أبو بكر.

  وخرج رسول الله ÷ يمشي بين علي والفضل وقدماه تخطان في الأرض حتى دخل المسجد، فلما رآه أبو بكر تأخر، وتقدم رسول الله ÷ وصلى بالناس فلما سلم أمر علياً ... إلى آخره.

  وفي هذا الخبر دلالة على بطلان نقلهم لذلك من وجوه ثلاثة؛ أولها: قوله ÷: «فليصل بالناس من شاء» وذلك يدل على أن ذلك لا يختص بالأئمة.

  والثاني: أن الأمر بالصلاة لم يكن من جهة النبي ÷ وتعيينه لأبي بكر وإنما كان من جهته الإطلاق، والتعيين كان من جهة عائشة.

  والثالث: أن النبي ÷ عزله عن الصلاة؛ فأي تعلق للقوم في ذلك.

  ومنها: أن ذلك وإن كان صحيحاً؛ لم يكن فيه دلالة على الإمامة على وجه من الوجوه؛ إذ ليس بين التقديم في الصلاة وبين الإمامة تعلق يقتضي كونها دلالة عليها، ألا ترى أنه يصلح للتقدم في الصلاة من لا يصلح للإمامة على وجه من الوجوه، وقد قدَّم النبي ÷ ابن أم مكتوم، وعبدالرحمن بن عوف في الصلاة، ولم يدل ذلك على إمامتهما، وصهيب قد اختاره عمر للصلاة لما طُعِن مع أنه مولى لا يصلح للإمامة، ولم يظن أحد أن ذلك الفعل منه يقتضي أنه اختاره للإمامة.