[رواية البراء لما جرى بعد موت النبي ÷]
= والحديث طويل تمت شرح نهج البلاغة.
[رواية البراء لما جرى بعد موت النبي ÷]
قال ابن أبي الحديد: وقال البراء بن عازب: (لم أزل لبني هاشم محباً فلما قبض رسول اللَّه ÷ خفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم، فأخذني ما يأخذ الواله العجول مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول اللَّه ÷، فكنت أتردد إلى بني هاشم، وهم عند النبي ÷ في الحجرة، وأتفقد وجوه قريش. فإني كذلك إذ فقدت أبا بكر، وعمر، وإذا قائل يقول: القوم في سقيفة بني ساعدة، وإذا قائل آخر يقول: قد بويع أبو بكر. فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر، وأبو عبيدة، وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية، لا يمرون بأحد إلا خبطوه، وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبى.
فأنكرت عقلي وخرجت أشتد حتى انتهيت إلى بني هاشم والباب مغلق، فضربت عليهم الباب ضرباً عنيفاً، وقلت: قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة فقال العباس: تَرِبَتْ أيديكم إلى آخر الدهر أَمَا إني قد أمرتكم فعصيتموني. فمكثت أكابد ما في نفسي.
إلى قوله: فأجد المقداد، وسلمان، وعبادة بن الصامت، وأبا الهيثم بن التيهان، وحذيفة، وأبا ذر وهم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى. وبلغ ذلك أبا بكر وعمر فأرسلا إلى أبي عبيدة، والى المغيرة بن شعبة فسألاهما عن الرأي فقال المغيرة: الرأي أن تلقوا العباس فتجعلوا له ولولده في هذه الإمرة نصيباً؛ لتقطعوا بذلك ناحية علي بن أبي طالب. فانطلق أبو بكر وعمر، وأبو عبيدة، والمغيرة حتى دخلوا على العباس وذلك في الليلة الثانية من وفاة رسول اللَّه ÷ فحمد اللَّه أبو بكر وأثنى عليه وقال: (إن اللَّه ابتعث لكم محمداً ÷ نبياً وللمؤمنين ولياً إلى قوله: حتى اختار له ماعنده، فخلى على الناس أمورهم فاختاروني عليهم والياً فتوليت ذلك، وما انفك يبلغني عن طاعن يقول بخلاف عامة المسلمين، يتخذكم لجاءً فتكونوا حصنه المنيع، فإما دخلتم فيما دخل فيه الناس أو صرفتموهم عما مالوا اليه؛ فقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيباً ولعقبك؛ إذ كنت عم رسول الله ÷، وإن كان المسلمون قد رأوا مكانك، ومكان أهلك من رسول اللَّه ÷ ثم عدلوا بهذا الأمر عنكم، وعلى رسلكم بني هاشم فإن رسول اللَّه منا ومنكم. فاعترض كلامه عمر فقال: إي والله وأخرى أنا لم نأتكم حاجة إليكم، ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم؛ فيتفاقم الخطب بكم وبهم، فانظروا لأنفسكم ولعامتهم، ثم سكت. فتكلم العباس فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: إن اللَّه ابتعث محمداً ÷ نبياً كما وصفت وولياً للمؤمنين ... إلى قوله: فإن كنت برسول الله ÷ طلبت، فحقنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين فنحن منهم، فإن كان هذا الأمر وجب لك فما وجب إذ كنا كارهين، وما أبعد قولك: إنهم طعنوا من قولك: إنهم مالوا إليك، وأما ما بذلت لنا فإن يكن حقك أعطيتناه فأمسكه عليك، وإن يكن حق المؤمنين فليس لك أن تحكم فيه، =