كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حديث: الحدائق السبع وبكاء النبي ÷ من ضغائن القوم التي يبدونها من بعده]

صفحة 456 - الجزء 4

  حتى إذا أراد الله ø بكم الفضيلة، ساق إليكم الكرامة، وخصكم بالنعمة، ورزقكم الإيمان به وبرسوله، والمنع له ولأصحابه، والإعزاز له ولدينه، والجهاد لأعدائه؛ فكنتم أشد الناس على عدو الله، وأثقله على عدوه من غيركم.

  حتى استقامت العرب لأمر الله طوعاً وكرهاً، وأعطى البعيد المقادة صاغراً داخراً؛ وحتى فجر الله لرسوله بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفاه الله إليه وهو عنكم راض، وبكم قرير العين، استبدوا بهذا الأمر دون المسلمين، فإنه لكم دون الناس.

  فأجابوا بأجمعهم: أن قد وفقت في الرأي وأصبت في القول، ولن نعدوا ما رأيت، نوليك هذا الأمر فإنك له أهل، ولصالح المؤمنين رضا.

  ثم أنهم ترادّوا في الكلام؛ قال: فإن أبت مهاجرة قريش فقالوا: نحن المهاجرون وصحابة رسول الله ÷ الأولون، ونحن عشيرته وأولياؤه، فعلام ننازع الأمر من بعده؟

  قالت طائفة منهم: فإنا نقول: إذاً منا أمير ومنكم أمير، ولن نرضى دون هذا أبداً؛ فقال سعد بن عبادة حين سمعها: هذا أول الوهن.

  وأتى عمر الخبر فأقبل إلى منزل النبي ÷ فأرسل إلى أبي بكر، وأبو بكر في الدار وعلي بن أبي طالب راتب⁣(⁣١) في جهاز النبي ÷، فأرسل إلى أبي بكر أن اخرج إلي، فأرسل إليه: إني مشتغل في جهاز رسول الله ÷، فأرسل إليه إنه قد حدث أمر لا بد لك من حضوره، فخرج إليه؛ فقال: أما علمت أن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولوا هذا الأمر سعد بن عبادة، وأحسنهم مقالة من يقول منا أمير ومن قريش أمير.

  فمضيا مسرعين نحوهم، فلقيا أبا عبيدة بن الجراح فتماشوا إليهم ثلاثتهم،


(١) دائب (نخ).